الثلاثاء الموافق 17 - ديسمبر - 2024م

الإهمال يضرب سرايا “العُمدة العطافى” بكفر الشيخ

الإهمال يضرب سرايا “العُمدة العطافى” بكفر الشيخ

 

تقرير: السيد عنتر 

 

فى شارع النيل، بمدينة بيلا، التابعة لمحافظة كفر الشيخ، تقع أقدم وأجمل سرايا فى المحافظة، وهى سرايا “العُمدة العطافى”، والتى تُعد تُحفة معمارية فريدة من نوعها، والتى تنتظر دورها فى التطوير والترميم، أسوةً بالسرايات والقصور الأخرى.

 

شيدها مهندس يهودى

 

تتمتع سرايا “العُمدة العطافى”، بطُراز إسلامى، حيث شيدها مهندس يهودى من أصل أوروبى، وعُرف محيط السرايا لاحقاً بـ”حى العطافى”، نسبةً إلى مالك السرايا وهو “العُمدة العطافى المنشاوى”، والذى يُعد أحد الشخصيات المُؤثرة التى تولت مقاليد الحُكم المحلى فى مركز ومدينة بيلا مع بداية الأربعينيات من القرن الماضى.

 

اكتمل بناءها عام 1917م

 

السرايا التى اكتمل بناءها فى عام 1917م، ومرّ على تاريخ إنشائها 104 أعوام، تقع على مساحة 1150 متر، وتتكون من بدروم، وطابقين علويين، كل طابق يحتوى على 8 غُرف، ودورتين مياه، وصالة استقبال كبيرة، ويُحيط بالسرايا سور، وحديقة صغيرة، وعن طريق السُلم الخشبى الداخلى يُمكن الوصول للطوابق العليا من السرايا، أما البدروم “السرداب” فكان به المطابخ والجراجات وحُجرات الخدم.

 

زارها جمال عبد الناصر بصُحبة أعضاء مجلس قيادة الثورة

 

كانت سرايا “العُمدة العطافى” على موعد مع الشهرة حينما زارها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1954م، بصُحبة أعضاء مجلس قيادة الثورة، لافتتاح مقر الاتحاد الاشتراكى فى وسط مدينة بيلا، وبدأ “ناصر” الزيارة بالتوجه إلى السرايا مع صديقه البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوى، عضو مجلس قيادة الثورة، وابن شقيق “العُمدة العطافى”.

 

صاحب “ناصر” خلال الزيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والمشير عبد الحكيم عامر، وعزيز صدقى، رئيس وزراء مصر الأسبق، ومحمد صدقى سليمان، وزير السد العالى، وحافظ بدوي، رئيس مجلس الشعب السابق، وحسين الشافعى، وصلاح سالم، وصلاح نصر، وآخرين من الشخصيات العامة والسياسية.

 

وكان فى استقبال “ناصر” وأصدقائه الآلاف من أهالى مدينة بيلا ومحافظة كفر الشيخ، الذين خرجوا من كل حدب وصوب لاستقبال موكب الرئيس من أول المدينة، وحتى سرايا “العُمدة العطافى”، فضلاً عن كبار الشخصيات العامة فى ذلك الوقت، وأعضاء مجلس الأمة.

 

تناول “عبد الناصر” خلال الزيارة وجبة الغداء فى سرايا “العُمدة العطافى”، وجلس على مأدبة الطعام التى شملت أطياف عديدة من أبناء الشعب المصرى، وضمت المأدبة “اللحوم المشوية، والأرز، والمكرونة، والفاصوليا الخضراء، وسلطة الخضروات،والمقبلات، والمؤكولات الأخرى”، فضلاً عن الحلوى التى جُلبت من محلات جروبى الشهيرة بالقاهرة، وأبدى “ناصر” إعجابه الشديد بالسرايا.

 

زيارة عبد الحكيم عامر الأسبوعية إلى السرايا

 

ولعلّ المشير عبد الحكيم عامر، القائد العام للجيش والنائب الأول لرئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، كان أبر المُترددين على سرايا “العُمدة العطافى” الخميس من كل أسبوع، فكان يصل من القاهرة مع حلول العصر، ليأخذ قسطاً من الراحة فى إحدى غرف السرايا التى خُصصت له، ثم يستيقظ قبيل آذان المغرب، ويتناول “الفطير المشلتت، والقشدة، والعسل، والجُبن القريش”، مع صديقه البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوى، ثم يجلسان يتسامرن ويلعبان “الدومينو” حتى صباح يوم الجمعة، ومن ثم يُلملم “عامر” أغراضه الشخصية، ويستعد للسفر إلى القاهرة، دون أن يشعر به أحد.

 

الإهمال يضرب سرايا “العُمدة العطافى” 

 

تُعانى سرايا “العُمدة العطافى” من الإهمال خلال منذ سنوات، وأصبحت آيلة للسقوط فى أى وقت، بسبب تقاعس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى والذى يتبع وزارة الثقافة عن ترميم السرايا حتى الآن، بعد أن أصبحت تابعة للتنسيق الحضارى فى عام 2006م.

 

وأصاب المبنى التشققات، بجانب تداعى أجزاء من حوائط السرايا، وتأثرها بالرطوبة وعوامل المُناخ، ما أثرت سلباً فى سقوط الرسومات الفنية، والزخارف، والمُقرنصات التى كانت تجذب أعيُن الجميع، ولكن السرايا ما زالت تحتفظ بجمالها من الداخل.

 

ومن جانبه، قال حسام مصطفى العطافى، “نجل حفيد العُمدة العطافى”، والمُقيم حالياً فى السرايا، أن المبنى أصبح يُمثل خطور داهمة على حياتهم بسبب عدم ترميم السرايا حتى الآن، لافتاً أنهم طالبوا التنسيق الحضارى أكثر من بإجراء أعمال الصيانة والترميمات على نفقتهم الخاصة، وفقاً للمعايير المُحددة لذلك، ولكنهم رفضوا.

 

وناشد “حسام”، المسئولين فى وزارة الثقافة ترميم السرايا أسوةً بقصر البارون بالقاهرة والذى تم تطويره والانتهاء منه منذ شهور، لافتاً أن السرايا تُمثل قيمة تاريخية وأثرية كبيرة، وشاهدة على زيارة الكثير من كبار المسئولين فى مصر.

 

ومن جانبه، قال الدكتور إبراهيم ماضى، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية بكفر الشيخ سابقًا، إن سرايا العطافى تُعد تحفة فنية رائعة، وهى ضمن المباني التاريخية والخاضعة لقانون رقم 144 لعام 2006م، وقد صدر كشف حصر لها من قبل مجلس الوزراء لعام 2009م على أن تكون تحت إشراف الجهاز القومي للتنسيق الحضاري والذى يتبع وزارة الثقافة.

 

وأكد “ماضى”، أنه من الضرورى لهذه المنشأة التاريخية أن يتم تسجيلها، وإخضاعها لقانون حماية الآثار، على مراحل مختلفة، بحيث تقوم وزارة الآثار بتأهيل سرايا العطافى، لتخدم المنطقة المحيطة به، وحفاظًا على الطراز المعمارى الفريد، والزخارف النادرة التى تُزين واجهة المبنى.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78555642
تصميم وتطوير