الأحد الموافق 15 - ديسمبر - 2024م

الإمام عن حادث “نيوزيلندا” :سفك لأرواح بريئة طاهرة كانت تتضرع لربها في خشوع

الإمام عن حادث “نيوزيلندا” :سفك لأرواح بريئة طاهرة كانت تتضرع لربها في خشوع

عبدالعزيز محسن 

 

 

قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في بيان حول الحادث الإرهابي المروع الذي استهدف مسجدين في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا. 

 

 تابعت ببالغ الألم وعميق الحزن أنباء الهجوم الإرهابي الذي استهدف المصلين الآمنين في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية، أثناء أداء صلاة ظهر الجمعة، ما أسفر عن مصرع نحو 50 شخصا وإصابة عدد مماثل، بينهم العديد من الأطفال والنساء، في مذبحة مروعة يجب أن تهتز لها مشاعر وقلوب كل ذوي الضمائر الحية في أنحاء العالم؛ لما فيها من انتهاك لحرمة الدماء المعصومة، وسفك لأرواح بريئة طاهرة كانت تتضرع لربها في خشوع واطمئنان.

 

 

 

 

وأضاف: تلك المذبحة “الإرهابية الشنيعة”، التي حرص منفذوها على تصويرها وبثها على الهواء للعالم كله، لا تختلف كثيرا عن مشاهد قطع الرقاب المروعة التي ارتكبتها عصابات داعش الإجرامية، فهما فرعان لشجرة واحدة، رويت بماء الكراهية والعنف والتطرف، ونزعت من قلوب أصحابها مشاعر الرحمة والتسامح والإنسانية، بل ما كان لهما أن يتوحشا بهذا الشكل المرعب لولا حسابات سياسية وعنصرية ضيقة، غضت الطرف عن جرائمهما، وسمحت لهما بالانتشار والتوحش.

 

وتابع: ولعل الذين دأبوا على إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يتوقفون عن ترديد هذه الأكذوبة بعد أن ثبت لكل منصف متجرد من الغرض والهوى أن حادثة اليوم، بكل ما خلفته من آلام شديدة القسوة، لم يكن من ورائها عقل منتم للإسلام ولا للمسلمين، وإنما وراءها عقل بربري وهمجي متوحش، لا نعرف ما هي دوافعه وعقيدته المنحرفة التي أوحت له بهذه الجريمة النكراء، غير أننا – نحن المسلمين – رغم فاجعتنا التي فتتت أكبادنا لا نستطيع أن نقول كلمة واحدة تدين المسيحية والمسيح -عليه السلام- والتي قد يدعي الإيمان بها هذا القاتل الأثيم؛ لإيماننا بالفرق الهائل بين الأديان وسماحتها، وبين المتلاعبين بها من تجار السياسة وتجار السلاح، ولسنا نفهم الفرق بين إرهاب يرتكبه منتم للإسلام فيضاف على الفور إلى الإسلام والمسلمين، وبين إرهاب يرتكبه منتم إلى أي دين آخر فيوصف فورا بأنه متطرف يميني، كما أننا لا نفهم كيف لا يوصف هذا الهجوم بأنه إرهاب ويقال: إنه جريمة.

 

وقال الإمام الأكبر: وإنني أتساءل: ماذا تعني كلمة “التطرف اليميني”؟ ولماذا يدفع المسلمون وحدهم ثمن ما يسمى بـ”التطرف اليميني” وما يسمونه بالتطرف الإسلامي من دمائهم وشعوبهم وأراضيهم؟ أما آن الأوان أن يكف الناس شرقا وغربا عن ترديد أكذوبة: “الإرهاب الإسلامي”؟

 

وأكمل حديثه: ظاهرة الإسلاموفوبيا وتيارات العداء العنصري للأجانب والمهاجرين في الغرب لم تحظ حتى الآن بالاهتمام الكافي، رغم خطورتها وتحولها في كثير من الحالات لأعمال عنف وكراهية مقيتة، وهو ما يستوجب سرعة التحرك الفاعل لتجريمها ومحاصرتها ورفع أي غطاء سياسي أو ديني عن أصحابها، مع بذل مزيد من الجهد لتعزيز قيم التسامح والتعايش والاندماج الإيجابي القائم على المساواة في الحقوق والواجبات، واحترام الخصوصية الدينية والثقافية.

 

 

وقال الإمام الأكبر: ولعله من المهم في هذه اللحظات المؤلمة أن نتذكر ما نصت عليه “وثيقة الأخوة الإنسانية”، التي وقعها الأزهر الشريف وحاضرة الفاتيكان، في فبراير الماضي، من تأكيد على ضرورة “التحلي بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة لمواجهة النزعات الفردية والأنانية والصدامية، والتطرف والتعصب الأعمى بكل أشكاله وصوره”، وتشديدها على أن “الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين – حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته – بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي”.

 

واختتم بقوله: خالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا وذويهم، ولكل المسلمين في العالم ولذوي الضمائر الحية، وأتضرع إلى المولى – سبحانه وتعالى – أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته، ويدخلهم فسيح جناته، وأن ينعم على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يعيد لمن روعتهم تلك المذبحة النكراء السكينة والطمأنينة.

 

 

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78524972
تصميم وتطوير