Cairo ICT
 الجمعة الموافق 13 - ديسمبر - 2024م

الإقتصاد المصري وكورونا.. الواقع والتحديات

الإقتصاد المصري وكورونا.. الواقع والتحديات

 

تقرير : حسام الشريف

 

لا يمكن لأحد أن ينكر أننا في مصر نشهد هذه الأيام مرحلة جديدة وتطورات تحتاج لمزيد من العمل والجهد للحفاظ علي ما تحقق من نجاحات غير مسبوقة خلال الأعوام القليلة الماضية في كافة قطاعات الدولة وخاصة القطاعات الإقتصادية، وتشييد البنية التحتية في مجالات هامة في الصحة ،والإتصالات،والسياحة،وغيرها، مما أدي إلي تحقيق معدل نمو وصل إلي 5.6 % خلال عام 2019 ،وكانت التوقعات تشير إلي صعود مصر ضمن دول النمور الإقتصادية خلال سنوات قليلة قادمة، وارتفاع معدلات النمو بشكل متواصل حيث كانت الدلائل تشير إلي إرتفاع النمو ليحقق نسبة 5.8 % خلال هذا العام ،مع إرتفاع حجم الاحتياطي المركزي من النقد الأجنبي ليتخطي حجم 50 مليار دولار بنهاية هذا العام، إلا أن مصر كغيرها من دول العالم تأثرت بأزمة وباء كورونا،والذي عصف خلال شهور قليلة بالأقتصاد العالمي ودمر اقتصاديات كثيرا من دول العالم ومنها بعض الدول الغنية.

 

وقد تمكنت مصر من الصمود ومواجهة الأزمة رغم أنها من الدول النامية غير الغنية بفضل نجاحها في إدارة الأزمة من جانب وبفضل ما كان قد تحقق من استقرار اقتصادي من جانب آخر خلال الفترة الماضية، حيث أعلن البنك الدولي أن معدلات النمو في مصر لا تزال قوية رغم الاضطرابات التي تسببت فيها أزمة كورونا علي المستوي العالمي وعملت علي تراجع معدلات النمو الإقتصادي العالمي والتاثير السلبي علي اقتصاديات الدول الكبري، وارجع البنك الدولي صمود الإقتصاد المصري إلى نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادي الوطني الذي نفذته الحكومة المصرية منذ بداية العام 2016 الذي بفضلة تمكنت مصر من دعم الإستقرار النقدي والمالي، وتعزيز مستويات النمو،وتوليد فائض قوي في ميزانية الدولة، وخفض نسبة الدين العام الي إجمالي الناتج المحلي، وزيادة احتياطيات النقد الأجنبي.

 

مصر مازالت الأعلى نموا في أفريقيا والشرق الأوسط علي الرغم من خفض تقديرات معدلات النمو للمنطقة وكافة الدول الناشئة بما فيها مصر بسبب الظروف الإستثنائية لأزمة كورونا إلا أن التقديرات تشير إلي أن مصر، تعتبر هي الأعلي علي مستوي دول المنطقة في زيادة معدلات النمو الإقتصادي وتتساوي في ذلك مع دولتي الصين والهند، حيث يظل معدل النمو لمصر خلال الفترة الحالية عند مستوي 4.2 % الي 4.5% .

 

ومما ساهم فى احتفاظ الإقتصاد المصري بمقومات الصمود فى مواجهة جائحة الكورونا، بعض تلك العوامل التى يعد منها

 

تكنولوجيا الإتصالات

 

تعد تكنولوجيا الإتصالات من المرافق الهامة البارزة لدعم البنية الأساسية لبناء الإقتصاد، حيث تعمل على تفعيل التحول الرقمى ونظام الحوكمة الإلكترونية لمصر خلال الأعوام القادمة.

 

وهو ما أكدته الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، خلال إجتماع المجموعة الوزارية الإقتصادية بالحكومة،عندما قالت أن مصر،هي اول دولة في الشرق الاوسط وأفريقيا تملك إستراتيجية فاعلة في مجال التحول الرقمي حيث تعد خطط التحول الرقمي من المكونات الإستراتيجية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، وتشمل تطوير البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات،وكان قد أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن هناك مبادرة تدريب تدريب متخصص بالتعاون مع شركة “هاواي” للتدريب علي الذكاء الاصطناعي وتقنيات الحوسب والإنترنت عالي المستوي،ومن المستهدف التحاق 100الف متدرب خلال العامين القادمين لتصبح مصر ضمن أهم خمس دول الأولي في العالم في هذا المجال.

 

إصلاحات فى الإستثمار

 

وهناك إصلاحات تشريعية قامت بها مصر لتحسين مناخ الإستثمار مما جعلها تحافظ علي مكانتها كوجهة أولي للإستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا حيث يتم الآن تأسيس الشركات بشكل أسرع من ذي قبل في ظل وجود شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص والعام في المشروعات الكبري بما في ذلك قطاع الطاقة والمدن الجديدة.

 

وخلال السنوات الماضية عملت الحكومة علي تبسيط إجراءات إقامة الشركات والمصانع، ومنح الأراضي والقروض، وتعديل قانون الإستثمار، وتقديم تسهيلات متنوعة، والمعروفة بإسم تسهيلات الإستثمار أو حوافز الإستثمار،مما فتح المجال أمام سرعة إنهاء الإجراءات،وتشجيع المستثمرين العرب والأجانب فشهد الإستثمار طفرة نوعية خلال الأعوام القليلة الماضية،وتصدرت مصر قائمة الدول الإفريقية في حجم الإستثمار الأجنبي .

 

ولا تزال مصر تمثل فرصا هائلة للإستثمار حيث تملك مقومات متفردة في مجالات العمل والتجارة الدولية فهي البوابة الشمالية للقارة الأفريقية وحلقة الوصل بين آسيا وأفريقيا، بالإضافة إلي التركيبة الخاصة من الموارد البشرية والطبيعية وكونها متحفا مفتوحا للسياحة الدولية والسفر والتي تضع مصر ضمن أكثر الاقتصاديات تنوعا في المنطقة.

 

التفرد السياحي لمصر

 

شهدت مصر خلال الأعوام القليلة الماضية اهتماما متزايدا بالاكتشافات الأثرية الجديدة،واستكمال بناء وتجهيز أكبر متحف أثري بالعالم، والذي يضم حتي الآن ما يزيد عن 100 الف قطعة أثرية نادرة، وتستعد مصر لافتتاح هذا المتحف ليكون أكبر حدث عالمي سياحي واثري في ظل اهتمام الشعوب بقيمة الآثار المصرية،وشغف الملايين حول العالم بمشاهدتها في ظل تزايد الإقبال السياحي غير المسبوق لزيارة مصر.

 

وقد ارتفعت إيرادات القطاع السياحي خلال عام 2019 بنحو 67% لتصل إلى 13.03 مليار دولار، وهو المستوى الأعلى على الإطلاق الذي سجلته إيرادات القطاع.

 

وتمثل السياحية المصرية ركيزة أساسية فى منظومة الإقتصاد المصرى، حيث تعتبر المصدر الثالث للعملات الأجنبية في مصر بعد تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والصادرات النفطية،إلا أنه تشير توقعات الخبراء الى تراحع عوائد السياحة من النقد الأجنبي خلال هذا العام،نظرا لتوقف حركة الطيران، وإغلاق المنافذ والحدود المصرية بوجه السياحة، ولهذا قرر البنك المركزي خلال مارس الماضى منح قروض دون فوائد للشركات السياحية والفنادق وغيرها، وتأجيل دفع أقساط الضرائب والديون على هذ المؤسسات لمدة 6 اشهر قادمة،وكان إجمالى ماتم تخصيصه للمنشات السياحيه فى مصر حوالي 50 مليار جنيه.

 

العاصمة الإدارية نقطة تحول فى الأقتصاد

 

لاينكر أحد أن العاصمة الإدارية الجديدة تمثل نقطة تحول ونقلة حضارية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، حيث تجذب العاصمة الجديدة استثمارات تقدر بمئات المليارات من كل انحاء العالم،ومن المتوقع أن تنقل العاصمة الإدارية الجديدة مصر إلي مصاف الدول الجاذبة للاستثمار، وتسهم في أحداث انطلاقة غير مسبوقة في مجالات العمل التقني، والتطور الإداري ،ونظم العمل الالكترونية غير المسبوقة، مما يسهم بدور فاعل ومؤثر في دفع التنمية البشرية والإدارية في مصر، كما تعد العاصمة الإدارية الجديدة بمثابة حجر الأثاث لإنجاز التنمية الإقتصادية المطلوبة،في ظل سعي الحكومة المصرية لتحقيق التنمية الشاملة من خلال استراتيجية وطنية تتمثل في “ررؤية مصر 2030”.

 

وقد شرعت الحكومة في تدريب موظفى العاصمة الإدارية علي كيفية إدارة الوقت ،وحل الأزمات والإبداع في بيئة العمل، وتدريب وحدات التحول الرقمي وفقا للمهام والأدوار.

 

ويستمر العمل بالعاصمة الإدارية خلال الفترة الحالية كما وجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي،ليتم نقل المصالح والوزارات الهامة بها خلال العام القادم لبدء مرحلة جديدة من العمل الحكومي التقني والإلكتروني والتطبيق الكامل لنظام الحكومة الإلكترونية، لإحداث نقلة نوعية وحضارية في نظم العمل والأداء الحكومي ،مما يفتح آفاقا جديدة واعدة لسرعة الإنجاز والنمو في قطاعات الدولة الخدمية والإقتصادية والإجتماعية.

 

حزمة من الإجراءات المالية لدعم الإقتصاد

 

سعت الحكومة المصرية من خلال وزارة المالية لإصدار مجموعة من القوانين والإجراءات لدعم الإقتصاد المصري وتيسير حركة التجارة والخدمات العامة والإستثمار،حيث أعلن الدكتور محمد معيط، وزير المالية عن بعض من هذه الجهود المبذولة من قبل رجال الجمارك لتيسير الإجراءات الجمركية،وانتهت وزارة المالية من إعداد مشروع قانون الصكوك السيادية الحكومية بهدف جذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية من خلال الترويج وبيع هذه الصكوك، مما يوفر ويجذب تمويلا جديدا لبعض المشروعات ،حيث أن بعض المستثمرين لا يقبلون علي شراء الأوراق المالية أو أدوات الدين الأخري، فجاءت فكرة هذه الصكوك للعمل علي جذب هذه الفئة من المستثمرين.

 

وتقوم فكرة هذه الصكوك علي عرض حق الأنتفاع لبعض الأصول أو الشركات المملوكة للدولة لمدد زمنية معينة بنظام الإيجار، وتشمل الأصول أو الشركات الثابته أو المنقولة مع وجود آلية اتفاق بين المستثمر والدولة لتقدير حق الانتفاع بتلك الأصول التي تصدر الصكوك بشانها، ويحظر إستخدام الأصول المملوكة للدولة ملكية عامة والتي تخدم قطاعات الجماهير مثل السكك الحديدية والطيران وغيرها.

 

والصكوك السيادية تصدر في شكل شهادة أو تعاقد بالمواصفات التي تحددها اللائحة التنفيذية أو أسلوب العمل بها وتصدر لمدة محددة بالجنيه المصري أو بالعملات الأجنبية، ويطلق عليها أحيانا صكوك الانتفاع أو صكوك حق الانتفاع، وتطرح بالبورصات أو الأسواق المحلية أو الدولية، علي أن يتم العمل بها بين الطرفين من خلال قواعد الشريعة الإسلامية التي اقرتها لجنة الفتوي، واجازت التعامل بها ويجوز المضاربة بها أو المرابحة أو طرحها بالبورصة،وهناك شركة عامة تكون وكيلا عن أصحاب هذه الصكوك وتضمن حقوقهم لدي الحكومة المصرية وتختص بالفصل في آية خلافات بين أطراف التعاقد، وتقيد تلك الصكوك بجداول البورصة المصرية فور صدورها والعمل بها .

 

ولاقت هذه النوعية من الصكوك اقبالا من بعض المستثمرين، حيث يعتبر البعض أنها تتناسب مع رغباتهم وطبيعة الأعمال التجارية والنشاطات التي يمارسونها، خاصة وأن السوق المصرية كبيرة وواعدة ،وتشكل أهمية إستراتيجية للمنطقتين العربية والافريقية.

 

استعادة قيمة الجنية المصري

 

منذ صدور قرار تعويم الجنيه المصري، أمام العملات الأجنبية وتحققت للجنيه المصري مكاسب سريعة وغير متوقعة، حيث ارتفعت قيمة الجنيه أمام الدولار، وتراجع سعر الدولار من 18جنيه إلي حوالي 15جنيه تقريبا خلال فترة قصيرة، وساهم ذلك في تراجع الطلب علي الدولار، وزيادة المدخرات والودائع بالبنوك بالجنيه بدلا من الدولار، كما زادت قيمة الصادرات وتحققت زيادة في عوائد بالنقد الاجنبي .

 

ونتيجة لذلك زاد المعروض من الدولار،وزاد تدفق النقد الأجنبي ،وذكر السيد محمد الاتربي، رئيس بنك مصر، أن أهم أسباب تحسن قيمة الجنيه أمام الدولار، هو أن مصر تعد من أكثر الدول امنا واستقرارا سياسيا في المنطقة ،ومؤشراتها الاقتصادية في تحسن مستمر،كما شهدت نهاية العام 2019 زيادة في حركة شراء الأجانب لأذون الخزانة وبصورة مكثفة في مقابل بيع مبالغ كبيرة كانت بحوزتهم من الدولار، مما أدي إلي هبوط سعره أمام الجنيه المصري ،وهو الأمر الذي يعكس مدي ثقة الأجانب في الإقتصاد المصري.

 

ومن جانب أخر كان المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية ، قد أكد على الامر ذاته حين قال أن الظروف في مصر أصبحت مهيأة وبقوة لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال لتحقيق نقلة جديدة في مسيرتها وتحقيق اهدافها، وبذلك تكون الحكومة المصرية قد نجحت في اقتحام ملفات كثيرة،وعلاج مشكلات ازلية ذات آثار ممتدة، ووضع صيغ وحلول مقبولة وواضحة للتشابكات المالية والاقتصادية للبلاد.

 

إلا أنه ما تزال هناك بعض التحديات التي تواجه أوضاع الاقتصاد المصري خلال المرحلة الراهنة، والتي يعد من أهمها الحفاظ علي قيمة الاحتياطي المركزي من النقد الأجنبي، وعدم تاكلة من خلال خفض الواردات وزيادة الصادرات السلعية والطاقة والعمل علي ضبط واستقرار موازين المعاملات الخارجية،والسيطرة الداخلية علي انفلات الأسعار، والتقليل من حدة التضخم والبطالة ،وتحسين مؤشرات المالية العامة، مما يدفع بالأقتصاد المصري للتحول إلي نظام الاقتصاد النشط الذي يضمن بيئة أعمال تنافسية، ويضمن دعما متواصلا للقطاع الخاص لتوفير فرص العمل وزيادة الإنتاج والتصدير والمنافسة في الأسواق الدولية.

 

أن ما تحقق من صمود للأقتصاد المصري خلال الفترة الحالية رغم أزمة كورونا بشهادة العديد من المؤسسات المالية الدولية،إنما يوكد أن ذلك لم يكن ليحدث لولا القرارات الإصلاحية، وما تم اتخاذه من إجراءات وتعظيم قيمة الإمكانيات المتاحة، حيث تعد مصر من الدول التى عملت خلال الفترة الماضيه على وضع مجموعه من الاجراءات الاقتصادية،التى حققت نجاحات للمنظمومة الإقتصاد المصرى على كافة المستويات.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78488561
تصميم وتطوير