شريف حمادة
هالنى بل أفزعنى ما قاله الزميل احمد موسى فى برنامجه اليومى بأن تذهب الديمقراطيه والحريه للجحيم وهذ ه الكلمات سمعتها من العديد من الاعلاميين خاصة مع تزايد العمليات الارهابيه فهل يمكن بالفعل مقايضة الحرية بالأمن ، أو الديمقراطية بالاستقرار ، وهل هناك تناقض بين الاثنين فعلا ، بمعنى أن الأمن والاستقرار لا يمكن تحققهما إلا على حساب الحريات العامة والكرامة الإنسانية واحترام أساس الديمقراطيه ، بمعنى آخر ، هل يتوجب علينا أن نضحي بالحرية من أجل الحصول على الأمن ، أو نضحي بالديمقراطية من أجل الحصول على الاستقرار
أعتقد أن الأمن والحرية وجهان لعملة واحدة وهى كرامة الانسان وتحقيق الحياة الكامله له .. فلا أمن بدون حرية، ولا حرية بدون أمن.. لكن أحياناً تتعاكس المعادلة وتتنافر، فبدلاً من أن تكون الحرية مرادفة للأمن، تكون خطراً على الأمن، فالأمن أحياناً ولظروف قهريه فقط يحد من مساحة الحرية ويقلصها، وهذا حدث فى بعض الدول الديمقراطيه التى ترفع شعار الحريه الكامله مثلما حدث فى أمريكا بعد هجمات 2011 عكس ما تفعله الأنظمة الشمولية الدكتاتورية التى تستغل كل الظروف لمنع تحقيق الحريه والديمقراطيه على الارض والهدف هو عدم تدويل السلطه بشكل ديمقراطى . أن الجدلية ليست بين الأمن والحرية بقدر ما هي بين الأمن والعدالة.. لكن يحدث أحياناً أنه كلما زادت إجراءات الأمن وقيمه وقيوده تتأثر الحرية بطبيعة الحال.. وكلما قلت هذه القيود الأمنية اتسعت مساحة الحرية.. فمفاهيم المجتمع تلعب دوراً أساسياً في اتساع مساحتها وتعميقها.. كما أن هناك ضريبة يقدمها المجتمع في سياق تنامي الحريات، وهي أنه في ظل مفاهيم معينة تتنامى الجريمة.. وهذه ضريبة لازمة محتمة لتنامي الحريات إلى أن تستقيم الأمور في بعض ميادين الحرية وليس جميعها.. فمثلاً جرائم النشر تتزايد مع تنامي الحرية في المجتمعات.. فالبعض يعتقد أن الحرية هي في تجريح الآخرين.. كما أن هناك من الجرائم الأخرى ما تنمو وتتسع بحيث لا تستطيع القيم الأمنية الامساك بها في ظل قيم الحرية مثل جرائم الاعتداء والسرقات وغيرها.
فتختزن مفردة الأمن, الكثير من الأبعاد والجوانب في حياة الإنسان الفرد والمجتمع.. إذ لا يمكن أن يتم التطور والاستقرار على المستويين بدون الأمن. بحيث يأمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه, فينطلق في عملية البناء والتنمية والعمران. وحينما يفقد الإنسان الأمن, فإنه لا يتمكن من البناء, ولا يستطيع توفير مستلزمات الاستقرار والطمأنينة.. لذلك فإن الأمن بالمفهوم الشامل, هو بوابة التنمية وسبيل الاستقرار على المستويات كافة.. لذلك فإن مفهوم الأمن, يختزن كل المفردات الأخرى التي لها ارتباط صميمي بحياة الإنسان والجماعة. من هنا فإن المجتمعات الإنسانية, بحاجة دائما إلى بلورة مفهوم الأمن بشكل سليم, حتى لا تتعارض بعض الإجراءات مع مفاهيم ومفردات ذات صلة مباشرة أيضا بالاستقرار والتنمية والبناء.. فالمجتمع كما أنه لا يستطيع الاستمرار في الحياة بدون الأمن, كذلك هو بحاجة إلى الحرية, لأنها هي الخيط الدقيق التي تؤكد إنسانية الإنسان, وتبلور دوره ومقاصده في الحياة.
لذلك فإن الحاجة جد ماسة, إلى بلورة مفهوم الأمن في مجتمعنا على قاعدة أكثر عدالة وحرية..
وخلاصة القول في هذا الإطار, أن مكمن الخطر من جراء غياب الحياة السياسية الوطنية اكبر بكثير من بعض تداعيات الحرية وتوفر حياة سياسية حيوية وفاعلة في المجتمع والوطن.
لا ريب إننا بحاجة في البدء, أن نوضح معنى العدالة السياسية كمصطلح ومضمون.. وبعيدا عن المضاربات الأيدلوجية والفكرية, فإننا نعتبر العدالة السياسية هي تكافؤ الفرص على كل المستويات, وسيادة القانون, واحترام حقوق الإنسان بصرف النظر عن منبته الأيدلوجي أو المذهبي أو القومي أو العرقي, وأن تكون الدولة بمؤسساتها وإمكاناتها وفرصها دولة الجميع بدون تحيز أو تميز.
إن الالتزام بكل هذه القضايا, وتجسيدها في الممارسة والسلوك هو معنى العدالة السياسية.. وإن علاقة العدالة كقانون وسلوك وممارسة بالأمن علاقة عميقة وجوهرية.. بمعنى أن العدالة وفق المفهوم المذكور, هي بوابة الأمن. وبمقدار التخلي أو الانحراف عن مقتضيات العدالة, بذات المقدار يتم تهديد الأمن السياسي والاجتماعي.
فالعدل هو أساس الأمن, وبدونه تبقى كل الإجراءات تعسفية ولها تأثيرات عكسية على مفهوم الأمن ذاته. وذلك لأن الكثير من المشكلات والأزمات التي تهدد الأمن, هي من جراء الظلم بكل صنوفه وأشكاله. ولا أمن في المجتمع إلا بإعطاء كل ذي حق حقه. وإن تجاوز الحقوق والاعتداء عليها, هو بداية مفهوم الأمن على المستوى الواقعي والفعلي. فالعدل الذي يشمل الحقوق المادية والمعنوية, هو جوهر الاستقرار الاجتماعي بوجوهه السياسية والأمنية والاقتصادية.
فالاستبداد لا يقود إلى الأمن, بل يؤسس في الواقع المجتمعي لكل الحالات والمظاهر المناقضة للاستقرار والأمن.
وحدها الحرية والديمقراطية, هي التي تقودنا إلى الاستقرار. لذلك كله نحن بحاجة إلى إعادة صياغة مفهومنا ونظرتنا للأمن في مجتمعاتنا. فهو وليد المشاركة والمسؤولية والتسامح وحقوق الإنسان. فكلما تعمقت وتجسدت هذه القيم في واقعنا وفضائنا, اقتربنا وأنجزنا مفهوم الأمن والاستقرار. وأي تراجع أو خرق لهذه القيم, بمقدارها أيضا, تضطرب أحوالنا, وتتدهور أوضاعنا الأمنية والاجتماعية. ولنتذكر دائما أن الإسلام في تجربته التاريخية, قد أشاع الأمن في ربوع الديار الإسلامية, وذلك بفضل قيمة الحرية وتهيئة أسباب العيش الكريم في ظل الإخاء والحب والعلاقات الإنسانية المتميزة. ولولا هذه القيم والمبادئ الخالدة, لما تمكن المسلمون في الأرض. فانتصاراتهم وفتوحاتهم وإنجازاتهم الخالدة هي بفضل تلك القيم, التي أرست دعائم الأمن والاستقرار, وسمحت للجميع من الإفادة من كل منجزات الإسلام في الواقع المجتمعي.. فلولا قيم الإسلام في الحرية والشورى والتسامح والمحبة وحقوق الإنسان, لما تحقق الاستقرار الذي هو أرضية التقدم والتطور.. لذلك فإننا ينبغي أن نتطلع إلى الأمن والاستقرار وفق هذه الروية والمنظور.. فهي خيارنا لإزالة كل المخاطر ومجابهة تلك التحديات, لذا فإننى أؤكد على بسط الأمن لكن بشرط عدم الجور على الحريات السياسيه أو الشخصية لأن الكثير من الأفكار الكتطرفة قد ظهرت خلال سنوات قتل الحريات فالحرية المسئوله ضمانا للأمن . . ونسأل الله العافية لمصر والمصريين