أدى غياب الرقابة الحكومية والمصنفات الفنية واستهتار وزارة التربية والتعليم بكل ما يُقدم فى الإعلام المصرى إلى سيطرة الأغانى الشعبية الوضيعة والسفيهة سيطرة كاملة على ألسنة وعقول طلاب المدارس الحكومية بما فيها الرسمية والخاصة الأمر الذى جعل طلاب المدارس لا يجيدون شيئا طوال يومهم سوى ترديد تلك الأغانى والكلمات الهابطة بل والخادشة للحياء فى معظمها . ولا نكاد نجد طالبا فى هذه الآونه إلا ويحفظ تلك الأغانى عن ظهر قلب بدلا من اهتمامه بالمناهج المكلف بها الأمر الذى ساهم بشكل كبير فى تغييب عقول هؤلاء الصغار وصرفهم عن كل فن جيد ومحترم . وتقف الدولة على الجانب الآخر بشكل عام ووزارة التربية والتعليم بشكل خاص موقف المشاهد العاجز عن حل تلك الكارثة ما يهدد بمزيد من الانهيار الأخلاقى والسلوكى لطلاب المدارس لما فى هذه الأغانى الهابطة من كلمات تدعو للفجور فى كثير من الأحيان . ولا نكاد نشاهد تلك المهازل كل يوم داخل مدارسنا فقط بل امتد الحال لكراهة الطلاب لكل الأناشيد الوطنية التى تدعو لحب الوطن والتفاخر به , فلا يطيق الطلاب هذه الأيام سماع أو ترديد أغنية عن بلده أو يلقى شعرا عن مصر بطابور الصباح إلا وكان مجبرا عليه من مسؤولى المدرسة وليس نابعا من داخله , وكثر التهكم على كل ما هو نافع ومفيد وذى قيمة من الفنون المصرية وأصبحت الكلمة العليا للأغانى الشعبية رديئة الكلمات وشاذة الألحان وأصبحت أغانى ” دلع التكاتك ومفيش صاحب يتصاحب واحنا بتوع ربنا ولمينا الكفار ” هى الأناشيد المفضلة داخل كافة المدارس المصرية فى هذه الأيام . والسؤال اللافت للنظر هنا : هل وزارة التربية والتعليم لا تعرف تلك الأمور أم تعرف وتتجاهل الأمر ؟ فإن كانت لا تعرف فتلك مصيبة وإن كانت تعرف وتتجاهل فالمصيبة أعظم . وكل يوم تطلع علينا وزارة التعليم بقرارات وتعليمات مشددة بمنع التليفون المحمول للطلاب بالمدارس ولكن الواقع الملموس مخالف تماما لهذه التعليمات فالتليفون المحمول ينتشر بصورة كبيرة داخل المدارس ومُحمّل عليه كل هذه الأغانى والكلمات البذيئة التى تساهم فى تدنى فكر الطلاب فى الوقت الذى تقف فيه وزارة التربية والتعليم مشلولة الأيدى عن التدخل لمطالبة الدولة والأجهزة الرقابية بمنع تلك الأغانى والكلمات من التداول بالأسواق منعا لإفساد العقول والأذواق المصرية وحفاظا على القيم النبيلة بالمجتمع ومنعا لخدش الحياء فقد أصبحت الكارثة الكبرى أن طالبات المدارس يحفظن تلك الكلمات القبيحة عن ظهر قلب أكثر من الذكور . متى سيتم وقف هذه الخطة الممنهجة لضياع القيم المصرية والفن الأصيل لتنتشر تلك الأغانى الشعبية الوقحة بهذه الصورة التى نجد فيها الصغار والكبار يرددونها كل يوم ؟ . ولم يكد أولياء الأمور يصرخون فى وجه وزارة التعليم كل يوم من أجل تطوير المناهج المصرية بما يتماشى مع تطور العصر ومواكبة الأحداث لبجدوا أبنائهم يضيعون ويتيهون داخل المجتمع المصرى الذى لم يستطع الحفاظ على عقول أبنائهم من ذلك الإنهيار الأخلاقى والفساد الإيمانى الذى يتم نشره كل يوم عن طريق كلمات تم تلحينها بطريقة شاذة لجذب الصغار إليها لتصبح السائدة فى كل حفلاتنا ومناسباتنا ومدارسنا وبيوتنا وفى المقابل تضيع هويتنا وتضيع الأخلاق وينهار المجتمع .. فهل من منقذ لأطفالنا الصغار وشبابنا من هذه الأغانى الممنهجة أم أن مسلسل الإنهيار القيمى والأخلاقى سيظل سائدا إلى أن تقوم الساعة بسبب ترك الدولة الحبل على الغارب وغياب نخوة وزارة التربية والتعليم فى الدفاع عن أبنائها ؟ هذا ما ستكشف عنه الفترة القادمة وما إذا استمر الحال كما هو عليه وإلا لا بديل عن ثورة أخلاقية لمحو تلك الهراءات وعودة الأمور إلى نصابها الصحيح لإنقاذ المجتمع المصرى من محو هويته الأصيلة وحضارته العريقة التى يتسبب مجموعة من المنحرفين واللا أخلاقيين فى محوها يوما بعد يوم .
التعليقات