تقرير إخباري يكتبه / أبوالمجد الجمال
هل تورطت كييف في مذبحة كروكوس في ضاحية موسكو لإفساد فرحتها بفوز الرئيس بوتين لولاية جديدة رغم إعلان داعش مسئوليتها الكاملة عنها ؟ هل هناك علاقة تربط بين مذبحة كروكوس والفيتو الروسي الصيني الذي أحبط مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن لوقف فوري لإطلاق النار بغزة وإطلاق سراج جميع الرهائن دون شروط وتدفق المساعدات وحماية المدنيين خاصة أن المذبحة ارتكبت بعد ساعات قليلة من ذلك ؟ ما لغز ارتكاب المذبحة في هذا التوقيت بالذات ؟ هل لواشنطن يد ضالع في مثلث مذبحة ضاحية موسكو ولاسيما بعد استخدام روسيا والصين حق الفيتو لإجهاض مشروع القرار الأمريكي الذي يدعو لوقف إطلاق بغزة اعتبرت حماس صياغته تضليلية ومتواطئة ويمنح الشرعية لحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري والتجويع والحصار والاستيطان الإرهابي المتوصل التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي النازي بحق أهالينا في غزة وإصرار سفاح القرن نتنياهو علي المضي قدما في اجتياح رفح بدعم من واشنطن أو من دونه وفق تأكيداته لوزير الخارجية الأمريكي اليهودي أنتوني بلينكن خلال لقائه به في تل أبيب في المحطة الأخيرة لجولته السادسة للمنطقة التي انطلقت من السعودية مرورا بمصر مؤكدا أنها تهدف لسلام إقليمي دائم علي أساس سليم وتكشف زيارته عن توافق مصري أمريكي بشأن رفض العملية العسكرية في رفح خلال لقاء الرئيس السيسي به ؟
الإجابة علي هذه الأسئلة الحرجة والصعبة والممنوعة وغيرها الكثير تبدأ من أخر مجمل تطورات الحادث بمفاجأة من العيار الثقيل فجرتها واشنطن حيث كشفت في خطوة استباقية للهجوم الإرهابي كواليس إبلاغها موسكو في وقت سابق من هذا الشهر تخطيط تنظيم داعش خراسان لشن هجمات إرهابية علي موسكو في ضوء معلومات استخباراتية فيما أكد مسئولين أمريكيين إدعاء داعش بتبني هذا الهجوم
كانت السفارة الأمريكية في موسكو أصدرت بيانا تحذيريا لرعاياها في 7 مارس الجاري من احتمال وقوع هجمات إرهابية خلال ال 48 ساعة المقبلة في ضوء تقارير تفضح كواليس سيناريو مخططات إرهابية تستهدف التجمعات الكبيرة في موسكو بما فيها قاعات الحفلات الموسيقية وسط تشكيك المسئولين الروس في تلك المعلومات الاستخباراتية الأمريكية واستغلال الأصوات المؤيدة لموسكو علي أن التحذير الأمريكي من الهجوم محاولة أمريكية لتخويف روسيا قبيل الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها بوتين بولاية جديدة لحد وصف بوتين نفسه تحذير السفارة الأمريكية في موسكو وقتها بأنه ابتزاز صريح وواضح لتخويف المجتمع الروسي وزعزعة أمنه واستقراره ما يعيد للأذهان تكرار سيناريو هجوم داعش علي إيران في يناير الماضي في تفجيرين قتل فيهما العشرات وجرح المئات في حفل تأبين للجنرال الإيراني السابق قاسم سليماني الذي قتلته أمريكا منذ 4 سنوات في غارة لطائرة بدون طيار
بعد هجوم موسكو وفي مؤتمر صحافي أعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي عن خشية واشنطن العميق من أن يتهم بوتين أوكرانيا بضلوعها في الهجوم الإرهابي وكشف أنه لا توجد لدي واشنطن في الوقت الجاري أي أدلة تشير إلي تورط أوكراينا في الهجوم وقدم تعازي البيت الأبيض لموسكو في ضحايا الهجوم منددا به
محللون ومراقبون في مكافحة شئون الإرهاب يدعمون تبني داعش خراسان لهجوم موسكو لتحميله الرئيس بوتين المسئولية الكاملة عن التدخلات في أفغانستان والشيشان وسوريا ومن هنا جاء تركيز التنظيم الإرهابي علي روسيا منذ سنتين في مؤشر قوي إلي خروج التنظيم بعملياته الإرهابية بعيدا عن الأراضي التي ينشط فيها لقياس قدراته وتقييمها ولعل هجوم موسكو ومن قبله إيران أكبر دليل صارخ وفاضح علي ذلك
إلي جهات التحقيق الروسية حيث أكدت اعتقال 11 شخصا مشتبه فيهم بينهم 4 مهاجمين تم القبض عليهم من منطقة بريانسك علي الحدود مع أوكرانيا وروسيا بحسب الكرملين وكشف بيان لجنة التحقيق استخدام منفذي الهجوم سائلا قابلا للاشتعال لإشعال النار في قاعة الحفلات الموسيقية بعد إطلاق النار علي كل من فيها فيما يواصل فريق التحقيق العمل علي قدم وساق في مكان الهجوم وتكثيف عمليات التفيش للعثور علي أدلة جديدة بحسب وكالة سبوتنيك
إذا أخذنا كلام جهات التحقيق الروسية مع تأكيدات أجهزة الأمن الروسية علي أن المشتبه فيهم تربطهم جهات اتصال بأوكرانيا حيث كانوا يعتزمون الفرار إلي أوكرانيا ربما تتضح معالم الصورة أكثر
زد علي ذلك عدم كشف وزارة الداخلية الروسية تحديد جنسية المشتبه فيهم الأربعة الذين تم اعتقالهم واكتفت بقولها بأنهم مواطنون أجانب بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان للوزارة
ثم تأتي من قبل تأكيدات النائب ألكسندر خينستين إلي جانب وسائل إعلام روسية بأن بعض المشتبه فيهم من طاجيسكتان تزول غيوم وضباب التلميح الروسي بتورط أوكرانيا في المذبحة
تتضح معالم الصورة أكثر فأكثر في قراءة فاحصة وثاقبة ومتأنية في بيان تنظيم داعش علي تطبيق تلجرام الذي أعلن مسئوليته الكاملة عن المذبحة ولم يكتف بذلك بل راح يطلق العنان لتأكيداته علي عودة مقاتليه منفذي المذبحة في ضاحية موسكو إلي قاعدتهم في استفزاز مثير لموسكو . . تري ما الهدف من ذلك ؟ وهل يشن الرئيس الروسي حرب ضروس علي تنظيم داعش يعد إعلانه مسئوليته عن المذبحة الروسية ؟
أضف علي هذا كله الكلمة المتلفزة للرئيس بوتين الذي يبدي فيها غضبه الشديد وتوعده بالانتقام في مؤشر علي أن الهجوم الإرهابي كان له تأثير كبير عليه كلماته الانفعالية وتوعداته تلمح إلي تورط أوكرانيا وأمريكيا في هذا الهجوم الإرهابي الهمجي كما وصفه حيث أكد خلال كلمته أن منفذو المذبحة تم القبض عليهم بينما كانوا يتوجهون للحدود الروسية الأوكرانية مشددا علي معاقبة كل المتورطين والمسئولين عن هذه المذبحة وكل من يقف وراء هذه القوي الإرهابية مشددا في الوقت ذاته علي أن روسيا أكبر بكثير من أن يجرؤ أحد علي زعزعة أمنها واستقرارها وكشف كواليس العثور علي جميع منفذي المذبحة واعتقالهم وأعلن 24 مارس الجاري يوم حداد وطني
في المقابل نفي مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك علي تطبيق تلجرام عبر تقنية الفيديو أي علاقة لبلاده بالهجوم الإرهابي ورفض أي شكوك حول تورطها فيه مشيرا إلي أن بلاده في حالة حرب مع الجيش الروسي وستسحقه بعمليات هجومية رادعة وحاسمة وشدد أن بلاده لا تستخدم الأساليب الإرهابية مثل موسكو وتسير في عكس اتجاهها إذن أن هناك سوابق حديثة لتورط الجيش الروسي في مثل هذه الأعمال في تلميح قوي ومثير لهجمات صيف في موسكو 1999ضد ناطحات سحاب استخدامها بوتين نفسه حينما كان حينذاك رئيس للحكومة كذريعة لحرب الشيشان الثانية وسط تكهنات حالية بتورط جهاز الاستخبار الداخلية الروسي “جهاز الأمن الاتحادي إف إ س بي” ويعتقد مسئولين أمريكيين أن بوتين تحريفه للأحداث المأساوية وفقا لروايته العامة إذ اتهم قبل أكثر من عامين أوكرانيا بأعمال إرهابية حتي يبرر غزوه الشامل لها وقد يفعلها مرة اخري بعد هجوم موسكو لتقويض الدعم الأوكراني الدولي
كان الرعب والفزع اجتاح موسكو في أعقاب إعلان فوز الرئيس بوتين الساحق بولاية جديدة مساء الجمعة الماضي الموافق 22 مارس الجاري علي إثر هجوم إرهابي لمسلحين علي قاعة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو بإطلاق نار كثيف نتج عنه حريق ضخم في القاعة راح ضحيته أكثر من 143 شخصا . . ومازالت التحقيقات الروسية حول الهجوم الإرهابي مستمرة لعلها تكشف مزيد من أسرار الغموض الذي يكتنفه.
التعليقات