احمد عناني يكتب ..شيخ الأزهر واستيراد دين تقفيل أوروبي
صرح شيخ الازهر في اثناء القاء كلمته بالملتقي الثاني لحكماء الشرق والغرب والذي يعقد بالعاصمة الفرنسية باريس انه (انه لا ينبغي ان تكون بعض القوانين الاوروبية التي تتعارض مع شريعة الاسلام حاجزا يؤدي الي الانعزال السلبي والانسحاب من المجتمع ) وكان قاصدا بقوله هذا المسلمين في اوروبا بوجه خاص .
سؤال مهم يطرح نفسه هنا عن اي شريعة يتحدث شيخ الازهر ؟
هل يقصد بهذه الشريعة الاحكام والحدود الدينية . ام انه يقصد بها المبادئ الكلية اتباع قيم دينية واخلاقية اهمها المساوة والعدل ؟ في اعتقادي الخاص وفقا لكلماته انه لم يقصد بالشريعة التي اعلن انها تتناقض مع القوانين الاوروبية هذا الجانب القيمي الاخلاقي القائمة علية بالفعل هذه القوانين الاوروبية .
ان التحدي الذي يجابه الاسلام اليوم بشيوخه الاجلاء و(بالمناسبة ليس هناك من دليل واحد علي وجود كلمة شيخ في الاسلام ) تحد يضعهم في موقف لا يحسدون عليه اذا كيف سيواجهون الارهاب الذي اصبح تمثيلا للاسلام علي يد التيارات الدينية المتطرفة علي الرغم من ان هذه التيارات لا تقوم سوي بتطبيق الشريعة الاسلامية ولكن في اعتي صورها !
ان عدم ادراك هؤلاء الافاضل ضرورة التميز بين احكام وحدود دينية ارتبط تشريعها بالواقع الاجتماعي التي تنزلت فيه بما يشي بمرحليتها وبين ايات تعتبر مقاصد اساسية يكون اساسها الايمان بالله والعمل الصالح سيجعل امر تجديد الخطاب الديني لديهم ينحصر فحسب (الارهاب لا دين له )
ولعل هذا التميز هو ما ينطوي عليه مفهوم الشريعة في منظورها المعرفي وذلك بحسب قوله تعالي ( شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسي وعيسي ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) (الشوري13 ) اي شرع لكم من الدين دينا تطابقت الانبياء علي صحته والمراد من هذا الدين شيئا مغايرا للتكاليف والاحكام وذلك لانها متفاوتة ومختلفة وفقا لتفسير فخر الدين الرازي .
ومن ثم فالدين المغاير للاحكام هو اصله وجوهره وهو المقاصد الكلية الجوهرية المتعارف عليها في كل الاديان وهذه المقاصد هي الايمان بالله وتأكيد وحدانيته والعمل الصالح الذي يتحدد في صورة بعض الاوامر والنواهي التي تتمثل في الدعوة الي قيم ومبادئ اخلاقية محدده لاصطلاح الناس وتقويم سلوكهم ومادامت هذه القيم الدينية والاخلاقية اشتملت علي مبادئ تشترك فيها كل الاديان ك المساواة والعدل وتحريم القتل والكذب والزني واعانة الضعيف والمحتاج بذلك تتصف في كونها ذات طابع وجودي وهو ما يجعلها مبادئ تتجاوز حدود الزمان والمكان ذلك في ان الحدود والاحكام الاجتماعية تتسم بالمرحلية الظرفية اذا ارتبط تشريعها بالواقع الاجتماعي انذاك .
وبالتالي فالامر مرتهن بكيفية تطبيق هذه الاحكام والحدود بما يتفق مع المقاصد الجوهرية ومصلحة المجتمع خصوصا ان هذه المقاصد بما ينطوي علي الايمان بالله والعمل الصالح هما فحسب ما يتحدد علي اساسهما الاجر والجزاء الاخروي .ولعل هذا ما ادركه المسلمون الاوائل الم يعطل عمر بن الخطاب حد السرقة في عام الرمادة (المجاعة ) وذلك مراعاة لمصلحة المجتمع كذلك لم يعطي سهما للمؤلفة قلوبهم اذا قال لهم (لا حاجة لنا بكم واعز الله الاسلام واغني عنكم فان اسلمتم والا السيف بيننا وبينكم ) هذا علي الرغم من ان القرأن جعل قد جعل هذا السهم فريضة موجبة الاداء . ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله )
ولكن ادراك عمر لسبب تشريع هذة الاية هي ان الاسلام في بدايته قويا فكان النبي يعطي لبعض اشراف القوم سهم من الزكاة ليحثهم علي الاسلام من ناحية واتقاء شرهم من ناحية اخري هذا جانب من حياة النبي السياسي والشخصية الارضية البعيدة عن شخصية محمد الاهوتي وذلك لما كان لهم من تأثير في مجتمعهم بسبب مكانتهم الاجتماعية هو ما جعله يقر بشرطية هذه الايات لانها ارتبطت بظروف وملابسات معينة وان لها ان تنتهي بتغير هذه الظروف .
هذه الشرطية تنطبق علي معظم الاحكام والحدود الاجتماعية ونعني بالشرطية هنا ان هذة الاحكام انما شرعت مشروطة بسياق واقعها ومجتمعها وبالتالي لا يجوز تطبيقها في واقعنا المعيش اليوم لانه مختلف بالكلية عن واقع تشريع هذة الاحكام .
التعليقات