الثلاثاء الموافق 25 - فبراير - 2025م

“إيمان الزيات” تتألق فى قصتها الجديدة ((استماع أخير للجرامافون))

“إيمان الزيات” تتألق فى قصتها الجديدة ((استماع أخير للجرامافون))

كتب /وليد صلاح
استماع اخيرا للجرامافون قصه كتبتها الكاتبة و الناقده ايمان الزيات بنت مدينة الاسكندرية عضو مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية أحد منسقي اللجنة الإعلامية بجمعية صوت الشارع الأدبية بالجيزة لها العديد من المجموعة القصصية مجموعة قصصية بعنوان(يمر على روحى كدهر) عن دار “حسناء للنشر” 2016 رواية قصيرة (نوفيلا) بعنوان(الرجل الذى ليس على مايرام) عن دار نشر “حروف منثورة” للنشر الإليكتروني 2016 كما لها ديوان شعرى ديوان شعر (كتابة بطعم الأسر) مطبوع بطريقة “برايل” في جمعية مزايا للمكفوفين.2016 كما يوجد لها العديد من المجموعات القصصية المشركة مجموعة “فقط سويا” صادرة عن قصر ثقافة الأنفوشي 1999 مجموعة “شغفيون” صادرة عن دار ليليت للنشر 2015 مجموعة “روائع القصص” مع 42 كاتب على مستوى الوطن العربي صادرة عن دار مأمون 2015 والعديد من القراءة النقدية منها قراءة نقدية عن رواية (كل من عليها خان) للروائي الكبير (السيد حافظ) بمجلة أدب ونقد، عدد(354) نوفمبر 2016
قراءة نقدية بعنوان (تجليات البوليفونية واستجلاء التعددية) في مجموعة “عيون بيضاء” للقاص (محمد عطية) بالعدد الرابع من جريدة القصة يناير 2017 وهناك مجموعه قصصية تحت الطبع منها “(إيقاعات من جرانيت,),و (استماع أخير) الكوزموبوليتانية في الكتابات السردية( الأدب الإماراتي محسن سليمان أنموذجا) (البوليفونية في الكتابات السردية الحديثة ) نقد وتم التكريم لها فى العديد من المسابقات – شهادة تقدير عن مجموعتها القصصية (يمر على روحي كدهر) من مؤسسة الحراك الثقافي ديسمبر 2016 شهادة تقدير من مجموعة “الشعر والحب والسلام ” 2015 فازت بالمركز الثاني عن قصتها (يراقص الطائرات) بمسابقة الشئون المعنوية السادسة التى أقامتها القوات المسلحة في يناير 2017 – فازت بالمركز الثالث بمسابقة وزارة الشباب والرياضة للقصة القصيرة على مستوى الجمهورية سنة فائزة بقصة “مقعد فارغ للحبيبة ” فى مسابقة “مؤسسة” شغف الثقافية 2000

(استماع أخير للجرامافون)
تنتبه فقط حين تئن أسطوانة الجرامافون، ويسعل البوق الكهل معلناً انتهاء الطرب؛ تنهض من جلوسك الاضطراري على كرسيك الوثير آبقاً من الملل، متحسساً الفراغ الصغير بينك وبين أسطواناتك المرقّمة تسير.. يلوذ جسدك بالرف وتتشبث أطراف أصابعك بالأسطوانة الخامسة.. تلتف وتعُدُّ بقدمك خطوات ثلاث يسندك بعدها (الكوميه).. تتخبط يدك قليلاً قبل أن تجد المكان الصحيح للسطح الدائر حيث تضع أسطوانتك الجديدة.. التي ستلكزها الإبرة الصغيرة حتى تعود لكرسيك من جديد.
تتموضع داخل بؤرته كالعادة مستقبلاً النغمات.. يخذلك الهِرم حين يقطع الطريق على الشدو المحلق بغفواته القصار؛ فتنداح في إحداها لبرهة يدخل خلالها (سعد) خادمك الوحيد ليرفع قدح الزنجبيل البارد ويضع غيره.. يصطك الفنجان بطبقه عندما تهتز يده العجوز فتستفيق من غفوتك لتلعنه وأسلافه.. يلتف الخادم دون أن يلتفت ويخرج مجاهداً خطواته البطيئة.
تحملق في وجه الفراغ بعد الاستفاقة ويتصل الشدو بمسامعك كأنه لم ينقطع..
” تفيد بإيييه يا ندم يا ندم يا ندم، وتعمل إيه إييه يا عتااب؟!!”
كنت تمرر يدك على تغضنات وجهك منشغلاً بإحصائها عندما جاءتك الذكرى تسعى من جرامافون العائلة القديم.. عيناك الشاخصتان لها لا تلويان على إغماضة جديدة، تغشاهما يقظة مغايرة تفصلك عن واقعك الذي لطالما زينته الأكاذيب.. بندول الساعة النحاسي الذي ورثته عن أجدادك مع الصلف يجيد المراوحة بين الأزمان.. يتبدل المشهد خارج الشرفة تدريجياً من صيف جاف إلى شتاء مطير.. عقارب الساعة تبدأ الالتفاف عائدة بالزمن القهقري.. يتعاقب الليل مع النهار.. تتناوب الفصول بتواتر وسرعة خارج الشرفة.. النباتات تموت وتحيا.. تقصر وتطول.. تتابعها ممسكاً أنفاسك، ولا تعلم على أي حال سيثبت هذا الوضع الجنوني.
الغرفة تدور وأنت متمركز في بؤرتها، يتغير لون الحوائط عدة مرات حولك.. ترتفع إطارات صور العائلة عليها وتُخْفَض.. تتبدل الوجوه بداخلها.. تشيخ وتهرم.. الستائر تنسدل وتُزم.. أضواء الغرفة تضاء وتنطفيء كأن طفلاً يلهو بمفاتيحها.. الأثاث يخايلك بالتنقل من مكان لآخر.. العبثية تتسيد.. المكتب ورف الأسطوانات .. الكرسي و”كوميه” الجرامافون يتبادلون المواقع تماماً كلعبة “الثلاث ورقات”.. الغرفة استحالت لمائدة مستديرة وأنت كرة (الروليت) التي لا يعلم أحد في أى خانة ستستقر.
مخيلتك الآن تلهث.. لا تستطيع التزامن مع السرعة لتتابع كل اللقطات.. تتباطؤ عقارب الساعة تدريجياً تحفزاً للدقِّ الرتيب.. ويبدأ وقع التبدل في الخفوت.. العقرب الكبير يتحرك الهوينى.. ويثبت كل شىء على تخوم الماضي.
تكاد لا تصدق نفسك حين ترى الضوء ثابتاً دون ارتعاش.. تدور برأسك في المكان الذي عادت حوائطه الباهتة للونها الزبرجدي، الأرضية (الباركيه) تزينت من جديد بسجادتك الفارسية.. تتساءل: متى اطيرت الأتربة من فوق أسطح الكريستالات؟!! وكيف تلألأ الضوء على رأسك منعكساً كهالة تحيط بشعرك الأسود الممسد (بالفازلين)؟!!
عدت تبدو من جديد براقاً كجوادك (الأدهم) الذي يعدو بك تحت الشمس كل صباح، فيبدو مهيباً لامعاً لمعة تخطف الأبصار وتكسر النظرات.. فلا يستطيع أحد التحديق بوجهك أبداً وأنت تنهب أرض أبعاديتك نهباً.
تقف على عتبات العشرينات من جديد حين ينزل الزمن من فوق ملامحك التى توسدها طويلاً.. تندفع في جسدك فورة من فورات الأدرينالين تهوي على أثرها بقبضتك على سطح المكتب الخشبي فيرتعد.. يدقُّ صوتك رأس الرجل (الأكتع) الذي يقف أمامك الآن في جلبابه الرمادي الباهت كمسمار رفيع.. يناهض استبدالك له بشق الأنفس.. يهادنك بالتصبر كي تستعمله في وظيفة أخرى يطعم بها أفراخه الزغيبة، ويسدل الستر على أمهم في العش الصغير.
يرخي إليك يده المتبقية بانبساطة غير معتادة؛ فلطالما راق لها القبض الطويل على ماكينة الخراطة التى أصابها السعار؛ فعقرت اليد الأخرى حين تشنجت بغير وعي بعد نوبتين متصلتين من أجل الرضيع المحموم، والشباك الذى انفرجت أضلعه، والصحن الذي إذا ما امتلأ جوفته الأصابع المتزاحمة عليه من جديد.
يخرج صوتك ليشنق الوهن الذي تحتقره..
-إزاي أوظف مستخدم مهمل زيك بيسرح وقت الدوام؟!”
يصمت (الأكتع) وتدور اسطوانة الجرامافون على أغنية كان يسمعها (سعد) في غيابك..
” ملكش حق.. ملكش حق تلووم علاا ا ايا “
توارب رأسك وتقلب شفتك السفلى باشمئزاز عندما يرفع (الواهن) طرف كمِّه المهتز ليعترض طريق دمعته.. يخايلك الجسد الناحل برجفاته، تريد أن تنهي الموقف فتفتح الدرج وترمي ببعض النقود على المساحة الخاوية بينك وبينه لتقيده، تعود بظهرك للوراء وتشعل غليونك والفتنة في نفس المحدق، ثم لا تبذل جهداً في منع ابتسامة متكبرة حشرت رأسها بين فكيك وخرجت لتشاهد الجسد الذي يمزقه انهزامه .. فيقبض على أموالك بأصابعه الخمس.. تكاد تعلن انتصارك على تذمره لكن صوته اللاكز للهواء يأتيك متحشرجاً وهو يقول:
“أنت كدة بتقطع عيشي بفلوسك يا بيه، فلوسك اللى إيدي المقطوعة لو بتتكلم كانت قالت لى خدها؛ أنت محتاج لكل جنيه فيها”.
بحركة مباغتة يرمي أوراق النقود بوجهك.
– “حسبي الله ونعم الوكيل”
يتمتم بها ثم يخرج رافعاً كفه الواحدة للسماء التى ترعد عليك وأنت تصرخ:
– “سعد.. بشير.. ارمو الكلب ده بره”
……………………………………
(شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك.. لابد عن يوم برضو ويعدلها سيدك)
(إن كان شيل الحمول على ضهرك بيكيدك.. أهون عليك يا حر من مدة ايدك)
تتجه للجرامافون وبعصبية تطفيء الأسطوانة المتجرأة مقسماً بكسر رأس الصابئين جميعاً.
……………………………………………….
لا تصدق أنك مازلت حياً.. وأن شيئاً كان يستطيع أن ينجيك ببدنك من تلك السقطة المروعة التى أسقطك بها (الأدهم) ذات صباح فأذلتك

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80035021
تصميم وتطوير