بعد عزل مرسي عام 2013 بناءا على رغبة الشعب المصرى ، وفي خطوة غير محسوبة سياسا وقتها ، قام مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي بتجميد عضوية مصر في الإتحاد الذي يضم 54 دولة، بسبب رؤيتهم الخاطئة بشأن انتزاع السلطة بشكل غير دستوري.
وبناءا عليه تم تعليق مشاركة مصر بجميع أنشطة الاتحاد لحين استعادة النظام الدستوري وفقاً للآليات التي يكفلها الاتحاد الإفريقي ” والذى يتبع سياسة تعليق عضوية أي بلد يشهد “تغييرا غير دستوري بالسلطة”. ويطبق هذا الإجراء عادة حتى العودة للنظام الدستوري.
والآن وبعد تسلم مصر رئاسة الأتحاد الافريقي ، يتضح ندم دول أفريقيا على هذا القرار ، حيث لم يكن من الممكن تجاهل وضع مصر الأستراتيجى الهام بالمنطقة وكذلك دورها المحورى على كافة الأصعدة والمستويات الدولية.
هذا التحول فى إعادة بناء العلاقات والثقة تثبت أن مصرقد أستعادت ريادتها كلاعب أساسي وفعال بعد أحداث يناير 2011 كما تؤكد قدرة القيادة السياسية الحالية والمتمثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعديل الأوضاع السياسية دوليًا وأفريقيًا، كما يدل على قدرات مصر الفائقة على الصعيد السياسي لتولى القيادة بنجاح ، فالتواجد المصرى كان حتميا ، وكان لازما فى النهاية إحترام صوت المصريين ودور الجيش الداعم لإرادة الشعب ، فمصر دولةً ذات تأثير قوي في القارة الإفريقية و كان لغيابها أثرا سلبيا على دول صديقة مثل السودان والصومال وإرتيريا.
و دور مصركان ولايزال غير مقتصر على الجانب السياسى أو الأمنى أو الاقتصادى فحسب، لكن لها دوراً ثقافياً مهماً يساهم فى خدمة قضايا القارة ولكن الأهم من وجهة نظرى هو قدرة مصر على المساعدة على مواجهة الإرهاب الهارب لأفريقيا نتيجة لنزوح اللاجئين والعائدين ، وهذا ما أكده الرئيس بإستغلال خبرة مصر الطويلة في مجال محاربة الإرهاب وهو التحدى الذى يواجه القارة.والذى ظهر جليا فى ملتقي الشباب العربي الأفريقي بمدينة أسوان من خلال الدعوة لتولى فريق من الشباب العربي والأفريقي للتعامل مع قضايا الأستقطاب الفكرى والتطرف كأحد طرق مواجهة الإرهاب .
وجاءت فعاليات الملتقى من منطلق الريادة المصرية ومكمل لخطط الرئيس السيسي حيث كلف مؤخرا الحكومة وكبار رجال الدولة بتدريب وتأهيل شباب أفريقيا، للعمل على النهوض بالشباب الأفريقي كما يتضمن برنامج الرئيس السيسي مجموعة من الأفكار والمقترحات والمبادرات التي تستهدف إعطاء دفعة للعمل المشترك بين الدول الأفريقية خلال عام 2019 وما بعدها خاصة في مجالات البنية الأساسية، والطاقة الجديدة والمتجددة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بفتح باب المشاركة للباحثين من الدول العربية والأفريقية للإستفادة من ” بنك المعرفة المصرية ” ، وكذلك تحقيق التكامل التجاري والتنمية المستدامة بالقارة الأفريقية ، وظهر ذلك خلال مشاركة الرئيس في المائدة المستديرة «وادى النيل ممر للتكامل العربي والإفريقي» ، الذي يتضمن إنشاء صندوق عربي أفريقي، لتمويل مشروعات البنية التحتية بإفريقيا، وتدشين السوق العربية الأفريقية المشتركة، والسعى بقوة لضمان نجاحها وخاصة مشروعات قطاع النقل والصحة وإطلاق مرحلة جديدة من حملة “مائة مليون صحة”من أجل القضاء على “فيرس سي”.
كما قد تساهم رئاسة الاتحاد الإفريقي بتوفير مظلة سياسية لدعم المفاوضات الفنية الخاصة بسد النهضة، والتغلب على أي عراقيل بالعمل على تعزيز التعاون الثلاثي بين مصر والسودان وإثيوبيا، حيث تشهد العلاقات بين مصر وأثيوبيا تحسنا ملحوظًا منذ أحداث يناير وتولى الرئيس السيسي الحكم ، وهو ما يتضح في تطور العلاقات الاقتصادية بعد توقيع وثيقة إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو المليار دولار سنويا في المتوسط .كما تم التأكيد بالملتقي على تعزيز التعاون مع الشقيق السودانى بالعمل بمبدأ ” أخوية وادى النيل “..
وأعتقد أن السياسات الأفريقية الناجحة للرئيس السيسي هى ما جعلته قائدا بحق ،ويكفي أختياره لمدينة أسوان عاصمة لشباب أفريقيا، و إطلاق مبادرة “أفريقيا لإبداع الألعاب الإلكترونية”، تتولى فيها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تأهيل وتدريب 10000 مصري وأفريقي وكذلك زيادة عدد المنح لطلاب أفريقيا بالأزهر وتوفير منح تدريبية عسكرية جديدة للدول الأفريقية خلال عام2019
لذا جاءت قيادة مصر للأتحاد الأفريقي تأكيدا لتصريح سامح شكري وزير الخارجية بأن تجميد عضوية مصر بالإتحاد كانت لحظة محزنة وجاءت لسوء فهم حول ما حدث في مصر ،فرئاسة مصر للاتحاد الأفريقي استثمار قوى يدفع الإتحاد للأمام لما تتميز به مصر من امكانيات خاصة ولمكانة مصر التاريخية والحضارية ، حرصا من مصر على وصول الصوت الأفريقي للمجتمع الدولي وأن تحظى قضايا القارة بأولوية في المحافل الدولية بعد نجاح مصر في الفوز بالمقعد غير الدائم بمجلس الأمن .