بقلم: د. محمد أبوالعلا
تبقى الحقائق التي نعرفها منطويةً على الكثير من الغموض، والسبب في ذلك يرجع إلى مشكلة أو إن صح القول إشكالية كتابة التاريخ، والفرق بين الإشكالية والمشكلة أن كل مشكلة ولابد لها من حل، أما الإشكالية فليس من الضروري أن نجد لها حلاً، بل تظل مطروحة للنقاش وتسمح بالزيادة لمستزيد، وتختلف فيها وجهات النظر، فليس فيها يقين قاطع، لذا تظل كتابة التاريخ منطوية على هذه الإشكالية اعتمادًا على ناحيتين أولاً: الفترات التي كُتب فيها التاريخ ومراجعة العصور والأزمنة والأسر الحاكمة، ثانيًا :انطواء جزء كبير منه على اجتهادات شخصية تقيس وقائع بالعقل وكأن الناس تسير في كل وقت وفق قوانين العقل والمنطق!، ثالثاً : الجانب النفسي الذي يكتب محاباةً لفلان على حساب فلان، ولأن هذه الإشكالية قديمة لا نكاد نرى حقيقةً ثابتة حول حكم الفراعنة أو حول سر التحنيط أو حتى طريقة الكتابة، لذلك أرى أن مايثار على سبيل المثال حول الخلاف القديم بين الشيعة والسنة، على الرغم من أنه خلافٌ سياسي في المقام الأول، فقد سألت أحد أصدقائي إذا قدر لك أن تعيش في زمن الفتنة فمع من كنت ستخرج؟ مع علي أم مع معاوية؟ ويجب أن تختار، لأن بعض التيارات التي تروج الآن لأفكارها السياسية لا تتفق مع فكرة خروج الحسين بن عليّ على يزيد، ولا اعتباره أول ثائر، لكنهم في حقيقة الأمر يحلونه عاماً ويحرمونه عاما، فأجاب: “كنت سأخرج مع علي بن أبي طالب”، فقلت له إذن أنت الآن شيعي بمفهوم العصر الحديث!، وهل على النقيض من ذلك كان معاوية بن أبي سفيان في ذلك الوقت يمثل الدين الصحيح الذي لاعوج فيه؟ إذن فلنتفق أن الخلاف بين الشيعة والسنة منذ بدايته كان خلافاً سياسياً، ساهمت الأحداث التاريخية في جعله خلافاً عقدياً، حتى وصل الأمر الآن إلى اعتبار الشيعي كافر!!، وعدم التفرقة الدقيقة بين الشيعي والشيوعي!، والحقيقة التي يغفل عنها معظم الناس أن بعض الجماعات الموتورة تستغل تلك الإشكالية للترويج لمذاهبها ومعتقداتها فقط، بل وتنصب لمخالفيها مفاصل الإعدام اعتماداً على اشتياق ونهم الانسان للمعرفة، فيتم ملء عقول الشباب بمعتقداتهم، حتى يظن طالب العلم أن مايقولونه لاينطق عن الهوى، بل هو الصواب المطلق الذي لاريب ولا عوج فيه!، وهو ماكان قد فنده الفيلسوف ديكارت قبل ما يقرب من خمسمائة عام، فقد شبه العقل بالسلة وما يحتويه من أفكار بالتفاح، وقال لو وجدت تفاحة واحدة فاسدة لأفسدت جميع التفاح الموجود في السلة، كذلك الحال بالنسبة للأفكار، فإذا وجدت لدى الشخص فكرة واحدة فاسدة وتركها، ستفسد جميع أفكاره!، ولعله على صوابٍ فيما يعتقد، لكن ليست هذه هي المشكلة، إنما المشكلة الأكبر والأخطر تتمثل في قناعة الشخص بعدم فساد أفكاره، بل واعتبارها فقط المرجعية لكل فكر يدور حول مايعتقد.وسوف أقدم إن شاء الله في المرات القادمة بعض النماذج الخلافية في تاريخنا الإسلامي لنتأكد أن التاريخ قد بُني على إشكالية ليس للوصول إلى حلها سبيل.
بخماسيه تشيلسي يحقق فوز ساحق علي شامروك روفرز الأيرلندي في دوري المؤتمر الأوروبي
20 ديسمبر 2024 - 1:10ص
التعليقات