كتبت: فاطمة بدوى
تجتذب أوزبكستان اهتمام الأجانب والسياح والحجاج، وذلك بتاريخها الثرى وتراثها الثقافي الفريد، وبالعديد من علمائها ومفكريها الذين قدموا إسهاما كبيرا في تطوير الحضارة العالمية، وبآثارها المعمارية القديمة، وفنونها الشعبية غير المسبوقة ومأكولات مطبخها الفريد.
ويمثل الأساس القانوني لتطوير هذا الاتجاه السياحي في اوزبكستان، المرسوم الصادر عن رئيس أوزبكستان حول “إجراءات التطوير المستمر للسياحة الداخلية والسياحة الدينية في جمهورية أوزبكستان”.
ويعد وجود صروح التراث الثقافي لمختلف للأديان على أراضي اوزبكستان أحد العوامل المهمة التي تساهم في التطوير الشامل للسياحة الدينية في أوزبكستان، وزيادة تدفق السياح الأجانب. وهناك قرابة 622 موقعا للتراث الثقافي تناسب السياحة الدينية في اوزبكستان، وهى تشمل 595 موقعا إسلاميا، و19 موقعا للمسيحية، و 8 للبوذية.
ويشير “يون يونج هي” من (كوريا الجنوبية)، ممثل منظمة تشوج البوذية قائلا: “هناك العشرات من وكالات السفر العاملة في بلدنا والتى تقوم بتنظيم الرحلات للبوذيين إلى الدول الأخرى، ونحن مستعدون ومهتمون بالتعاون مع أوزبكستان في مجال السياحة الدينية “.
وتجتذب اهتمام العديد من السائحين المسلمين أضرحة علماء الدين مثل الإمام البخاري، والإمام الترمذي، والإمام المطرودّي، وبها الدين النقشبندي، وخوجة عبد الخالق جدوفاني، وعدد آخر من مشاهير العلماء والمفكرين الذين عاشوا وعملوا في بلادنا.
وتؤكد وسائل الاعلام العالمية : ” ان أوزبكستان تعد وجهة مهمة للسياح من جميع أنحاء العالم، تلك الدولة التى تبهر زوارها بمناخها الجذاب، ومن المؤكد أن المساجد القديمة والمدارس الدينية واستراحات القوافل التجارية المزينة بألوان الفيروز سوف تغزو قلب أي سائح، وبالإضافة إلى الإمكانات السياحية للبلاد، يجذب اهتمام الزوار التقاليد والقيم القومية التي شحذت على مر القرون”.
وتجدر الإشارة إلى أن التدابير التي تهدف إلى تطوير سياحة الحج في بلادنا تؤتي ثمارها على أرض الواقع. كما ساهمت العديد من العوامل في ذلك أيضا.
قبل كل شىء، تجدر الإشارة إلى إلغاء نظام تأشيرات الدخول لعدد من البلدان، طبقا للوائح الصادرة لجذب السياح إلى اوزبكستان. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد السائحين الزائرين لأوزبكستان من إندونيسيا خلال عامى 2018-2019 بنسبة 170٪، ومن ماليزيا – بنسبة 158٪، ومن تركيا – بنسبة 154٪، ومن الإمارات – بنسبة 153٪.
في عام 2018، تم إقامة علاقات الشراكة الوثيقة مع وكالة “Crescent Rating”، منظمة السياحة الخاصة العالمية الشهيرة، الكائنة في سنغافورة.
وطبقا للمؤشر العالمى الخاص بالرحلات الإسلامية، والذي تنشره مؤسسة Crescent Rating و “Mastercard” سنويا، فقد صعدت اوزبكستان من المرتبة 32 إلى المرتبة 22، وتدخل ضمن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها الوجهة “الأكثر جاذبية”، و”أمنا وتسامحا” بالنسبة للسياح من بين أفضل 10 دول في العالم.
طبقا لتصنيف “Crescent Rating”، فبحلول عام 2026 سوف يبلغ عدد المسافرين للسياحة الدينية في العالم 230 مليونا. وعند الأخذ فى الاعتبار بتقديرات مركز بيو للأبحاث “Pew Research Center”، التى تشير إلى أنه بحلول عام 2050، سوف يبلغ عدد المسلمين حوالى 30 بالمائة من سكان العالم، عندئذ تتجلى أهمية تطوير سياحة الحج في بلدنا بصورة حيوية.
يشير الشيخ رافيل بانشيف، رئيس الإدارة الروحية لمسلمي سان بطرسبورج وشمال غرب روسيا قائلا: “تقوم الإدارة الروحية لمسلمي سان بطرسبورج وشمال غرب روسيا وإدارة مسلمي أوزبكستان، بالعمل الحثيث على تطوير الجهود في مجال سياحة الحج وزيارة المواقع الإسلامية، وفى هذا السياق، تحتل أوزبكستان مكانة خاصة بآثارها التاريخية والمقدسة. وتضم بلدكم العديد من المدن المقدسة، مثل بخارى وسمرقند وخوارزم وغيرها”.
وفى سبيل استمرار النهوض بتطوير صناعة السياحة في بلدنا وتبادل الخبرات في هذا المجال، جرى عقد المنتدى الدولي الأول للمزارات للسياحة في بخارى، وذلك خلال الفترة من 21 إلى 23 فبراير 2019. وشارك في المؤتمر العلماء والمختصون في مجال السياحة والدين من أكثر من 130 دولة حول العالم. وقام بتغطية فعاليات المنتدى على نطاق واسع أكثر من 20 من وسائل الإعلام وشبكات الإنترنت فى العالم. وفي “إعلان بخارى” الذي تم تبنيه في نهاية الفعاليات، تم الاعتراف بأوزبكستان باعتبارها واحدة من مراكز السياحة الدينية للمسلمين.
ويشير سونميز قوتلو، أستاذ علم اللاهوت قائلا: “تشبه أوزبكستان متحفا مفتوحا تحت قبة السماء المكشوفة، ولن تشعر بالغربة فى هذه الأرض. وأنصح جميع أصدقائي بالسفر إلى أوزبكستان دون تردد، وزيارة الأماكن المقدسة في هذا البلد”.
بالتزامن مع إعلان مدينة بخارى “عاصمة الثقافة فى العالم الإسلامي” فى عام 2020، قامت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بعقد المؤتمرات والحوارات علمية عبر الإنترنت.
في السنوات الأخيرة، تزايد الاهتمام بين دوائر ممثلي الحركة الصوفية في البلدان الأجنبية نحو المزارات فى بلدنا، مثل “إتي بير” والنقشبندية. وفي 2018-2019 شارك أكثر من 500 زائر من الخارج فى مهرجان النقشبندية، الذي يقام بصورة تقليدية، وذلك بالتعاون مع المركز الصوفي العالمي في ماليزيا. وفي السنوات الأخيرة، ومن أجل جذب المزيد من السياح الأجانب إلى هذه المزارات، تم تنفيذ أعمال البناء وإعادة الإعمار واسعة النطاق، وتم إقامة أماكن للوضوء، وتقنيات المعلومات الحديثة، وأكشاك المعلومات التى تعمل باللمس، وبناء المتاحف والمكتبات الجديدة، ومنافذ بيع الطعام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المواقع السياحية الأخرى في الدولة تعمل على تهيئة الظروف المناسبة للحجاج. فتصدر شهادات الأطعمة الحلال للفنادق والمطاعم. كما تم إنشاء الأماكن الخاصة للصلاة والوضوء في المطارات الدولية ومحطات السكك الحديدية في أرجاء الجمهورية. وعلى هذا النحو، فالفرصة متاحة لاستقبال الحجاج فرادى أو مجموعات كبيرة من السياح، وعلى سبيل المثال، يمكن ذلك فى إطار برنامج عمرة + “بلس”.
على المستوى الدولي، يجرى القيام بعمل كبير لتعزيز سمعة البلاد باعتبارها مركزا للحضارة الإسلامية. على وجه الخصوص، وفي إطار تنظيم المعارض والمؤتمرات، فقد جرى تنظيمها في دبي، ألانيا (تركيا)، قازان، جاكرتا وسنغافورة، وكذلك تم تنفيذ أعمال الدعاية من خلال منصات وسائل الإعلام الأجنبية الشهيرة مثل Avaz TRT التركية، ومحطات Trans7، و NetTV، و SCTV الأندونيسية، و Al Hijrah الماليزية، HalalTrip فى سنغافورة، وغيرها. ونتيجة لذلك، شمل تقرير Mastercard-Crescentrating Halal Travel Frontier 2020، الإعلان عن أوزبكستان للعالم باعتبارها الدولة التى أرست اتجاها جديدا في سوق السياحة الإسلامية، وذلك عبر استعادة تراثها الإسلامي.
لسوء الحظ، فقد تركت جائحة الفيروس التاجي تأثيرها السلبي على صناعة السياحة. ومع ذلك، تعمل قيادة بلدنا بشكل منهجي على تطوير صناعة السياحة في البلاد في سياق الوباء، وعلى زيادة أعداد السياح الذين يزورون اوزبكستان للتخفيف من الوضع المرتبط بالوباء. وعلى وجه الخصوص، يصب الاهتمام الخاص نحو تهيئة الظروف الملائمة ووسائل الراحة الخاصة بزيارات السياح، وإعادة بناء المرافق السياحية، وتجهيز المطاعم وأماكن المعيشة بأفضل الصور، وإعداد مواقع الرحلات السياحية.
وفى سبيل التطوير المستمر لسياحة الحج في بلدنا، يتمثل الجانب الآخر الهام فى الاهتمام الشديد بالتعريف المتعمق للمسلمين من مختلف البلدان، أي الحجاج المحتملين، بالأماكن المقدسة في بلدنا. وتحقيقا لهذه الغاية، يتم تنفيذ الأعمال الدعائية واسعة النطاق بانتظام عبر البعثات الدبلوماسية لأوزبكستان في الخارج.
على وجه الخصوص، ومن أجل تسريع حملات الترويج في عدد من البلدان التي تم فيها إلغاء نظام التأشيرات، تم تطبيق بند يحمل مسمى “سفير العلامة التجارية السياحية في أوزبكستان”. و
انطلاقا مما تقدم، يمكن القول بكل الثقة، أن أوزبكستان أصبح ضمن عداد الدول الرائدة بالعالم في تطوير جميع اتجاهات السياحة وجذب السياح الأجانب. ويتطلب قطاع السياحة البحث المستمر والاستثمار، والاستخدام الفعال للتقنيات الحديثة. لذلك، فمن المهم للغاية بالنسبة لأوزبكستان، مواصلة تطوير هذا الاتجاه ذا الأهمية الاستراتيجية الحيوية، والحرص والعناية بالتراث التاريخي والثقافي لاوزبكستان والحفاظ عليه.
التعليقات