Site icon جريدة البيان

أغسطس ..شهر التراجع عن أسوأ أنواع الإستدانة

كتبت / تقى محمود

 

 

رغم أهمية كافة طرق جذب العملة الصعبة للاقتصاد إلا أن الاستدانة أسوأها، خاصة إذا كانت قصيرة المدى.

والاستدانة بالعملة المحلية بفائدة مرتفعة، لها “عبء أكبر” على ميزانية الدولة، مقارنة بالاستدانة بالعملات الأجنبية باتفاقيات مُيسرة وفوائد منخفضة.

في نوفمبر 2016، بعد قرار تحرير سعر صرف الجنيه، كانت الدولة تحتاج لتعظيم حصيلتها من الدولار بأي شكل ممكن، دون الاهتمام بالعبء، وفقا لتصريحات سابقة لطارق عامر، محافظ البنك المركزي، ما أدى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية في الأذون والسندات المقومة بالجنيه، وهي أحد أنواع الديون، من مستوى يزيد قليلا عن 200 مليون جنيه إلى حوالي 23 مليار جنيه بنهاية مارس الماضي.

والاستثمار في أدوات الدين المحلي، استثمار ضعيف الجدوى مرتفع العبء سهل التخارج منه، لهذا ومع تجاوز احتياطي النقد الأجنبي حاجز الـ44 مليار دولار، لم يعد الاقتصاد المصري في حاجة ملحة لاستثمارات ساخنة تدعم الاحتياطي والسيولة الدولارية، بل أصبح من الممكن توفيرها من مصادر دخل حقيقي مثل التصدير والاستثمار المباشر والسياحة، أو عبر الاستدانة بالدولار مباشرة، إما عن طريق إصدار سندات مُقومة بالدولار أو اليورو، أو عن طريق القروض التنموية، المُقدمة من المؤسسات الدولية والدول الصديقة وشركاء التنمية.

وخلال الربع الثاني من 2018 شهد الاقتصاد المصري تراجعا ملحوظا من الأجانب عن الاستثمار في أدوات الدين المحلي، لتصبح قيمة إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الأذون والسندات المقومة بالجنيه حوالي 17.5 مليار دولار، مقارنة بأكثر من 23 مليار دولار بنهاية الربع الأول من نفس العام.

والسبب في هذا التراجع الحرب التجارية التي تخوضها الولايات المتحدة ضد باقي العالم، ما أدى إلى تحول وجهة الاستثمارات المالية من الأسواق الناشئة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الاستثمارات الباقية داخل الأسواق الناشئة فضلت التوجه إلى دول تقدم معدل فائدة أعلى من مصر.

وخلال الربع الثالث من 2018، اتفقت رؤى البنك المركزي ووزارة المالية على استهداف الاستثمارات طويلة ومتوسطة الأجل في الأوراق المالية، حتى لا تتضرر السوق المصرية من خروج الأموال الساخنة كل 3 أشهر، لذا قامت المالية بتقديم معدلات فائدة معقولة لسندات الخزانة طويلة الأجل، مقارنة بمعدلات فائدة أقل تنافسية للأذون التي تقل مدة سدادها عن عام.

والنتيجة أن العائد على أدوات الدين قصيرة الأجل واصل تراجعه للأسبوع الرابع على التوالي، ولكن على مستوى أدوات الدين طويلة الأجل، صعد العائد على السندات لأجل 3 أعوام، وبالتالي تحولت طلبات المستثمرين الأجانب والمحليين للاستثمار المالي في الأجل الطويل، ليقل اعتماد الحكومة المصرية تدريجيًا على أسوأ أنواع التمويل، الأموال الساخنة.

Exit mobile version