الجمعة الموافق 07 - فبراير - 2025م

أحمد صابر يكتب ” الرجال قوامون علي النساء.. حقيقة مشوهة “

أحمد صابر يكتب ” الرجال قوامون علي النساء.. حقيقة مشوهة “

✍️ أحمد صابر

 

إن قوام الرجل علي المرأة _كما ذُكر في القرآن_ مجرد قوام في بعض الصفات النفسية والجسدية وفي الطبائع الإجتماعية، وهو قوام يرتكز في نظريته علي أساس ترتيب الصفات التي ينفطر عليها الرجل والمرأة، وبيان مناسبة هذه الصفات للأهداف المعنية بها، وأولوية تقدم كل صفة في الجانب المنوط بها من جوانب الحياة، فكل صفة يجب أن تتقدم في مكانها الذي هُيئت له، وخلقت من أجله، فكما أن القوة الجسدية عند الرجال تناسب العمل الشاق، فإن القوة الروحية التى تمتاز بها المرأة تناسب أجواء البيت وبناء الأسرة،
وكما كان نظم الشعر في جميع العصور من نصيب الرجال، فإن معظم هؤلاء الشعراء كانوا يستمدون هذه المعاني من النساء، ويملئون الأشعار بأسمائهن، فنلاحظ التكامل الظاهر في كل شئ، فجميع الخصائص التي يمتاز الرجل ويظهر بها يقابلها خصائص أخري تتميز بها النساء وتكون كعادتها صفاتً مكملةً لا يتم المعنى إلا بها،
وبذلك فلا يكون ذلك القوام _ كما يُشاع بين الناس_ قائم على أساس تحديد الرتبة أو التفضيل والإعلاء من قيمة أحدهما علي الآخر، فيكون_بذلك التخبط _الطرف الأقوى في جانب معين هو الأفضل والأجدر في كل شئ، هذه هرطقات واضحة يقول بها المتهافتون،
إن هذا القوام المنطقي يهدف إلي تحديد أولويات كل رجل وكل أنثى، بغية التكامل بينهما، وليس قوام نوعٍ علي نوع، كقوام الأسد علي بقية الحيوانات مثلًا، كما أنه لا يعنى أبدًا أسبقية الرجل في درجة رقيه، أو اكتمال عقله ورجاحته دونًا عن المرأة، فهذا سوء الفهم والتقدير،
لأن الرجل بمقدار تقدمه في صفات معينة، فهو ناقص بليد في غيرها من الصفات الأخري، وعلي قدر قوته الخارقة في بعض الأمور، إلا أنه ضعيف واهن أمام المرأة بكل المقاييس، فالمرأة عقل ونعمة، وكيد ونقمة في نفس الوقت، والذي يهون من قدرها أشفق عليه دائمًا، لأنه يغفل قوة هذا الكائن العجيب، وكيف يمكنها أن تغير حياته في غمضة عين، فهي تستطيع دون أدني مبالغة أن تفعل أي شئ عزمت عليه..

إن المرأة متقدمة علي الرجل بما فضلها الله عليه، كما هي متأخرة عنه للأسباب ذاتها،
والأمر بجُلِه وعِظَمه لا يتخطى كونه مجرد ترتيب للخصائص كما ذكرنا سلفًا، ليعرف كل منهما قدراته ويفهم مسؤولياته ودوره الرئيس في هذه الحياة، وقد قُدّر أثناء توزيع الصفات أن يكون الرجل سابقًا لها في الحيز الخارجي من المجتمع وفي تحمله لأعباء الحياة وقدرته علي المواجهة..
كما تكون المرأة أسبق منه في الكثير من الأمور في الوقت ذاته، فقوتها تكمن في ضعفها، وسحرها يكمن في كيفية تحكمها في مشاعر الرجل، وتلاعبها بإرادته، وقدرتها الخارقة تتجلى في تمكنها من إقامة بيت مستقر، أو هدمه متي أرادت، كما أن إبداعها يفرض نفسه علينا في كثير من المهن الراقية، ورقتها فى تناول المشكلات الصعبة وتداركها تحقق نتائج مبهرة قد يعجز عنها الرجل إذا تدخل بقوته واندفاعه، لذلك فقوة المرأة تخرج من رحم ضعفها، وضعف الرجل يكمن في قوته المندفعة، وكلا الفريقين أنصاف تائهة لا حياة لكليهما بغير اتحاد وتفاهم..

والعاقل من البشر من تفهم طبيعة هذا القوام وأسبابه وضرورياته، وتعامل معه باعتباره مجرد ترتيب للصفات، وإقرار بأولوية وأهمية تقدم كل فصيل في مكانه المناسب لقدراته، والذي يُحسِن الأداء فيه..

أما التائه المتخبط من كلا الجنسين، هو من يريد محاكاة النوع الآخر، دون النظر في معني المحاكاة، ولا في منطقيتها، فالرجل الذي يريد أن ينفرد بالتربية وإدارة البيت ويستأثر بأبنائه ظنًا منه بقدرته علي الإستغناء عن المرأة، أو قدرته علي تعويض غيابها، بالتأكيد هو يسير بكل ثقة علي طريق الهاوية والتي تودي بالبيت كله إلى الشتات،
والمرأة التي تفني عمرها كله في محاولة أن تتحدي الرجل في شَغل منصب إداري معين في الدولة، أو مجاراته في مجال قوته، إنما تسعي بذلك نحو المحاكاة غير المفيدة،

ويمكن أن نجد نساءًا جديرةً بأن تشغل مناصب عالية، ولا ريب في ذلك طبعًا، ونشجعها علي ذلك، ولكن المهم ألا يتحول الأمر إلي صراع بين الرجل والمرأة، في محاولة إثبات الأفضلية أو رد الإعتبار، فالقاعدة العامة أن لكل منهما قدرات نفسية تجعله الأفضل في مكان ما، والخارج عن القاعدة ليس سببًا كافيًا لبطلان صحة النظرية الأصلية، وخلاصة القول هو ضرورة أن يعي الرجل بكونه رجلًا وان تعي المرأة بكونها امرأةً، وأن يعرف كلاهما ما له وما عليه، بحيث يكون المجتمع سليمًا وغير مضطرب بمثل هذه الأمراض الفكرية..

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79648523
تصميم وتطوير