Site icon جريدة البيان

أحمد صابر يكتب “إرهاب الفكر “

 

بقلم _ أحمد صابر

احتفلت مصر منذ أيام بذكرى ميلاد الزعيم ، ولا ينتظر التاريخ كاتبًا يفتعل السجع ليزكيه أو شاعرًا يزن الأبيات ليؤكد إبداعه الفني ،
فالتاريخ لا يعرف سوي الأفعال ولا يعترف بغير المواقف الثقال التي تقدم الشخص دون الحاجة إلي وصفه ،
وقد شهد التاريخ بعينيه الواسعتين علي مر العقود ما لا يمكن سرده من إبداع يمتزج بالقيمة وفن يرتبط بالهدف قدمه لنا الأستاذ من خلال أعماله ،
ذلك الرجل الذي أخلص لنشر الوعي ومحاربة التطرف وحقق ما لم يقدر عليه العالم في ذلك الوقت ،
فالمواجهة العسكرية لا تكفي وحدها لإحداث تغيير حقيقي يضمن اجتثاث العنف من جذوره التي تضرب بلادًا وتستوطن جماعات ، وإنما تحتاج بجانبها لذلك الفن الذي يظهر الإرهاب علي حقيقته ليكون منبوذًا في أوساط الشباب فلا ينخدعون به ،

وكالعادة فقد اعتلت منابرَ الأصوليين باقةٌ من أضيق العقول لتهاجم الزعيم بكل قبح وتتهمه بكل اجتراء ونقص في ذكري ميلاده ، لا لشئ إلا لأنه جسد واقعًا يحول بين خبث أحلامهم وفرص تحققها ، تلك الأحلام التي تهدف إلي السيطرة على الشباب واستيطان عقولهم ، والتي وقف أمامها الزعيم بكل جهد ليكشف للعالم طرق استدراج الشباب ويفضح استغلالهم ويناقش الأسباب المؤدية لهذا الإنحراف ،

وهذه الأصولية التي تحارب الفكر وتهاجم الفن كانت امتدادًا طبيعيًا للغزو الوهابي الذي مزق أواصر الثقافة المصرية منذ أواخر القرن الماضي ،
هذا الفكر الذي ارتبط ظهوره بالحروب الدموية والأهداف السياسية والمطامع المادية يعد أول مسمار وضع في سفينة التعصب وساعد علي انتشارها في ربوع العالم ، وهناك من الأدلة ما يكفي لإثبات هذا الإختراق الثقافي الذي ظهرت نتائجه علي الفور وكان لابد من بزوغ الفن الذي يزعزع أركانه ويفسد أهدافه ،

والكثير ممن يحاربون عادل إمام ينكرون وجود الإرهاب الذي تناوله في أفلامه ، متهمين إياه بتشويه صورة الإسلام ،
وافتعال صورة مكذوبة تنفر الناس من الدين !
ولست أعرف كيف لهؤلاء الرومانسيين أن ينكروا وجود هذا الإرهاب الذي لولا مواجهته لأصبح في أخطر مراحله الآن ؟
ماذا نسمي حادثة اغتيال فرج فوده !
وكيف نري محاولة اغتيال نجيب محفوظ وطعنه في وضح النهار بعد تكفيره علنًا في جرائد الأحزاب الدينيه !
وكيف نبرر واقعة اغتيال الشيعي حسن شحاته في قرية مصرية وسط تهليل وتكبير وزغاريد أفراح ؟
وبم نفسر انتشار المنهج التكفيري كوسيلة رسمية للإختلاف ؟
هل كل هذه الحوادث الفاشية وغيرها من الإغتيالات السياسية ليست تشويهًا لصورة الإسلام ، وما ينقله عادل إمام هو الخطر الداهم ! أم أنكم تخافون اهتزاز صورتكم الملائكية حينما يعرف الناس حقيقة هذا الفكر الذي تقيمون عليه أعمدة سياستكم المائلة !
إن وجود بعض المنحرفين لا يسئ إلي ديننا العظيم ، نعم ، فلكل دين كهان ولكل مذهب تجار ،
لكننا نقول للجميع بوضوح أننا كنا في أزهي عصور الوعي وأسمي درجات الفكر وقتما كان للأزهر رجال كالشيخ محمد عبده والشيخ شلتوت يحاربون الأصولية ،
هؤلاء الذين قدروا قيمة الفن وحاولوا دعمه وفتحوا الأبواب علي مصراعيها لمن يختلف معهم ليردوا عليه بصدر رحب دون تسفيه أو تحقير ،
إلي أن جاء ذلك الغزو الأصولي لرجال الدين وأعطاهم رخصة التحكم في الناس ومحاربة الفن تحت شعار
” الحاكمية الإلهية ” ،
ولابد أن يعرف العالم بأن مصر لن تسمح ببزوغ ” إرهاب الفكر ” مرةً أخري ، فقد آن للثقافة العريقة أن تعود ليستعيد الفن عافيته وليسترد الأزهر مكانته فلا تقوم للأصولية قائمة بعد الآن ، وليحيا عادل إمام زعيمًا للفن رغم أنف الحاقدين ..

Exit mobile version