Site icon جريدة البيان

همسات الليل الحزين

بقلم محمد حسان

 

عند الغروب تأوي الطيور والعصافير الى أعشاشها ويدخل الليل مسدلا أستاره على النهار ، فأصبح وحيدا شارد الذهن ، حينها أدخل مع نفسي في حورات لا آخر لها ، فأتذكر عبق النسمات وعبير الأشواق وتنهد القلب وحرقته على الفراق أيام صباي ، تذكرتها تضع يدها على صدري تتحسس نبضات قلبي ارتعشت يداها قائلة أين نبضك ألا تحبني ألم تحرك كلمة أحبك فيك شيئا ، أمسكت يدها قائلا لكن قلبي هنا في اليسار … فاحمر وجهها خجلا . أشعر حينها بأني طير يطير في السماء ويحلق في الهواء منفردا ، وحينا آخر أتذكر فرقة أعز الناس الى قلبي وهي أمي فأراني وقعت في قاع الحزن يغطيني وكأني ما فرحت يوما وكأني ما طرت كالعصافير من لحظات ولا حلقت في الهواء كالفراشات وحينها أتذكر قول قرأته لوليم شكسبير يقول أن الحزن الصامت يهمس في القلب حتى يحطمه – فأجد قلبي محطما منكسرا .
ومرة أخرى أراني أموت نعم أموت خوفا وفزعا من المجهول الذي لا أدريه بل كثيرا ما أفكر فيه وعندما أسبح في الملكوت أعرف أنني صغير بل أصغر وأصغر مما أتخيل فأهمس لنفسي بما فعله هارون الرشيد وهو على فراش الموت حينما طلب من إخوانه أن يرى قبره ، فحملوه إليه فبكى ، وقال لمن حوله ما أغنى عني ماليه ، هلك عني سلطانية ، ورفع يده الى السماء قائلا : يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه . عندها هدأت نفسي وعادت إليها سكينتها وعرفت أنه مهما طال الليل لابد من طلوع الفجر ومهما طال العمر فلابد من دخول القبر . فهنيئا لمن حدثته روحه بذكر الله وعرف أنه ليس كل سقوط نهاية ، فسقوط المطر أجمل بداية.

Exit mobile version