Site icon جريدة البيان

نهى فايد تكتب .. دور المرأة في المجتمع المعاصر (2)

لا شك أن العالم المعاصر تسوده الحضارة الغربية ويشمل هذا التعبير فى جملته معظم الأمم والشعوب فى المعمورة كما يتضمن أيضا معظم القيم والمنجزات التى أفرزتها الحضارة الأوروبية منذ القرن السادس عشر الميلادى وإلى اليوم، فقد استقر مصطلح العالم المعاصر على الأمم والشعوب والدول التى تشكل النظام الدولى المعاصر كما هى صورته فى المنظمات الدولية والإقليمية، واستقر مصطلح الحضارة الغربية على أنها الحضارة التى نشأت منذ نحو أربعة قرون فى أوروبا وكان لها منذ بدايتها مبادئها وقيمها فى مجالات السياسة والاجتماع والاقتصاد، كما كان لها إنجازاتها فى ميادين العلوم والفنون المختلفة، وتمثل الدول الأوروبية الجانب الأعظم من صورة هذه الحضارة والتى انتقلت- لأسباب عديدة لا داعى للخوض فيها إلى بقية أنحاء العالم- لا سيما فى شيوع استخدام منجزاتها الحضارية فى العلوم والفنون إلى جانب انتشار قيمها السلوكية فى المجتمعات.
وإذا أردنا أن نتحدث بإيجاز عن دور المرأة فى المجتمع الذى تسوده الحضارة الغربية المعاصرة وهو ما يرد مباشرة حين تطلب المقارنة أو يطلب المثال حين يكون هذا الدور محلاً للمناقشة أو البحث، ونستطيع أن نشير إلى أن المرأة فى العصر الحديث بدأ دورها يظهر فى المجتمعات الأوروبية منذ عشرات السنين فحسب فهو دور حديث نسبياً، وقبل عصر النهضة الأوروبية (الذى يمكن اعتبار بدايته فى القرن السادس عشر الميلادى) لم يكن للمرأة دور إجتماعى بل كان يسيطر على المجتمع الفكر التوراتى والذى تحمل نصوصه قدراً كبيراً من الامتهان والتقليل من المرأة ذاتها وليس من دورها فحسب.
ثم جاء بعد ذلك عصر النهضة الصناعية وقد كان لهذا العصر تأثير بالغ على المرأة فى أوروبا بوجه خاص، إذ دخلت المرأة سوق لعمل بجانب الرجل لتساعده ولكى تضمن لنفسها مورداً للرزق أيضاً، واضطرت لترك بيتها والخضوع لسلطة رجل آخر ليس زوجاً ولا أباً ولا أخاً بل صاحب عمل ولا حاجة بنا للتفصيل فى شأن ما أصاب المرأة من تعاسة وشقاء وتعرض للقهر إلى جانب تدنى الأجر وسوء المعاملة، والذى كان فى جملته جانباً مما يعانيه الرجال أيضاً فى بداية عصر الإنقلاب الصناعى فى أوروبا، كما أننا لسنا فى حاجة إلى بيان ما أدى إليه ذلك من أضرار لحقت الأسرة كلها الرجال والنساء والأطفال أيضاً، فى هذه المرحلة لا يمكن الحديث عن دور المرأة فى المجتمع الأوروبى فقد كانت مجرد أداة فى مجتمع الإنقلاب الصناعى.
يزيد على ذلك أن عمل المرأة استمر فى فرض لون من ألوان الرق والسيطرة عليها فى غياب رعاية اجتماعية وإنسانية

Exit mobile version