الأحد الموافق 19 - يناير - 2025م

ناجى الشهابي يكتب: أمريكا تسرق العالم بالدولار

ناجى الشهابي يكتب: أمريكا تسرق العالم بالدولار

 

قلناها منذ سنوات فى مجلس الشورى وفى مؤاتمراتنا وندواتنا وبأعلى صوت أن امريكا تنهب العالم عن طريق الدولار وأن تكلفة قيمة الدولار على الخزانة هى قيمة الأحبار وورق البنكنوت وأجرة العاملين فى مطابع الدولار الأمريكيين !! وفى الحرب الروسية الأوكرانية تحدث الرئيس “بوتين” عن سرقة أمريكا للعالم … فماذا كان يقصد من ذلك ؟!!

والعالم يعيش منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ويتعايش مع أكبر جريمة اقتصادية في التاريخ تحقق بها امريكا الهيمنة على الاقتصاد العالمى ..وأصبحت عملتها الدولار هى مقياس الاقتصاد العالمي !! وقصة الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمى تعود إلى إتفاقية تم عقدها فى مدينة بريتون وودز الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية فى عام 1944م بهدف تحقيق الاستقرار فى الاقتصاد العالمى وسميت باسم المدينة التى وقعت فيها وعرفها العالم باسم اتفاقية برويتن وودز وبموجب هذه الاتفاقية أصبح الدولار هو المعيار النقدي الدولي لكل عملات العالم وتم تثبيت سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الذهب و تعهدت أمريكا فى هذه الاتفاقية ولكل دول العالم بان تقدم غطاء من الذهب يوازي ما تطرحه من دولارات على أساس أن قيمة أوقية الذهب 35 دولار ونصت الاتفاقية على أن كل من يسلم أمريكا 35 دولارًا تسلمه أمريكا أوقية من الذهب …

وهذا معناه أن كل من يذهب
إلى البنك المركزي الأمريكي بإمكانه استبدال 35 دولارًا بأوقيه من الذهب ، والولايات المتحدة الأمريكية تضمن ذلك فى اتفاقية بروتن وودز …

وبناء على ذلك صار الدولار منذ هذا التاريخ يُسمّى (عملة صعبة) واكتسب ثقة دولية ، ويعود ذلك لاطمئنان الدول لوجود تغطية له من الذهب فى البنك المركزي الأمريكي .. ولقد قامت كل دول العالم المختلفة بجمع أكبر قدر من الدولارات في خزائنها واتفاقية بروتن وودز تضمن لها تحويل قيمة تلك الدولارات الموجودة فى خزائن بنوكها المركزية إلى الذهب في أي وقت تشاء على أساس أن كل 35 دولار تساوى أوقية ذهب .. وأستمرت دول العالم على هذا الأعتقاد أو الوهم حتى خرج الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون على العالم فى سبيعينات القرن الماضى وقبل إقالته من منصبه بسبب فضيحة وترجيت معلناً لكل الدول وايضا لكل سكان الكرة الأرضية بأن الولايات المتحدة لن تسلم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب …
وتكتشف دول العالم أن الولايات المتحدة كانت تطبع الدولارات التى تغطى الكرة الأرضية بعيدًا عن وجود غطاء لها من الذهب وانها باعت الوهم وأنها أشترت ثروات الشعوب وأمتلكت ثروات العالم بحفنة أوراق خضراء لا تملك غطاء ذهبي لها …
أي أن الدولارات ببساطة عبارة عن أوراق تطبعها الماكينات الأمريكية ثم تحدد قيمة الورقة بالرقم الذي ستكتبه عليها فهي 10 أو 100 أو 500 دولار ..

والرئيس الأمريكى نيكسون بإعلانه تنصل بلاده من اتفاقية برويتن وودز ولن تضع مقابل كل 35 دولار تطبعه أوقية من الذهب أعلن فى نفس الوقت أن الدولار سيُعوَّمُ أي ينزل في السوق تحت المضاربة، وسعر صرفه سيحدده العرض والطلب بدعوى أن الدولار قوي بسمعة أمريكا واقتصادها ، وكأن هذه القوة الاقتصادية ليست قوة مستمدة من تلك الخدعة الكبرى التي أستغفلت بها العالم بعد أن ضربت بمفردها التعهد الذى تعهدت به فى اتفاقية برويتن وودز .. وطبعا لم تعترض أى دولة من دول العالم على قرار الرئيس الأمريكي ولم تجرؤ على رفض هذا النظام النقدي الجديد لأنها ببساطة ستكون الخاسرة فأعتراضها يعني أن كل ما فى خزينة بنوكها المركزية من مليارات الدولارات ستصبح ورقًا بلا قيمة وهي نتيجة كارثية على اقتصاد دول العالم المختلفة ..
ولقد سُميّت هذه الحادثة الكبيرة عالميًا صدمة نيكسون (Nixon shock) !! واستكملت امريكا خطتها للتحكم فى الاقتصاد العالمي بأن أرسلت وزير خارجيتها هنري كيسنجر ( التعلب العجوز ) إلى المملكة العربية السعودية وطلب منهم أن تشترط على من يريد شراء النفط السعودى أن يدفع قيمته بالدولار ووافقت السعودية على ذلك ومن بعدها منظمة الأوبك (منظمة الدول المصدرة للبترول)

ومنذ ذلك التاريخ أمريكا تسرق العالم تطبع ما تشاء من أوراق البنكنوت “الدولار ” وتضع عليها ارقام دولار أو مائة دولار أو خمسمائة دولار وتشتري به بضائع جميع الشعوب وايضا كل الشعوب تستخدمه فى شراء ما تحتاجه من بضائع .. فهل يستطيع العالم التخلص من هذه الهيمنة الأمريكية وإيقاف نهبها لثروات شعوب العالم ؟!!

 

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79275269
تصميم وتطوير