بقلم محمد الشويخ
هناك من الأدلة والشواهد الأثرية والتاريخية المتعددة التى توضح مدى عمق علاقات مصر بجزر بحر ايجة وكرييت الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ قام الباحث باستنتاج بعضها وأخرج البعض الاخر من كتب المصادر التاريخيه
ان علاقه مصر بكريت وجزر بحر ايجة لم تنقطع يوما بل ان كرييت كانت جزءا لا يتجزا من الولاية المصرية فى العهد العثمانى وعصر محمد على واحيانا معها قبرص كما فى عهد المماليك او جزيره رودس
وفيما يلى عرض لاهم الادله من جهود الباحث او نقلا عن المصادر الاثريه :
اولا: فكره اللابرانث
الحضاره الكريتيه اشتهرت بانشاء القصور والمدن ومن اشهر المدن كنوسوس ووكانت عاصمه لها وعثر فيها على قصر الملك الذى يدعى الابرانث ووجد اثناء الحفر ان المبانى قد هدمت واعيد ترميمها وفسر العلماء هذا بان المنطقه قد تعرضت لزلزال
وقصر التيه أو المتاهة (بالإنجليزية: Labyrinth)) الأرض التي يتوه فيها السالك ولايكاد يعرف فيها طريقا. ويراد بها في الأساطير مبنى التّيه ذو الممرات الفرعية المعقدة الذي بناه ديدالوس للملك مينوس ملك كريت، حسب الأسطورة الإغريقية، وأراد مينوس أن يجعل منها سجنًا للوحش الذي يسمى المينطور. إذ كان يضحَّى بسبعة من شباب أثينا، وسبع عذارى لهذا الوحش كل سنة.
ذهب ثيسيوس ابن الملك الأثيني إلى تلك المتاهة وقتل المينوتور، وتمكَّن من شق طريقه إلى الخارج خلال الممرات الفرعية الملتوية. وكانت أريادني ابنة مينوس قد أعطت ثيسيوس كرة من الخيوط، لينشرها في طريقه إلى الداخل، ثم يتعقب هذه الخيوط ويسير باتجاهها عند هَرَبه.
وقد اكتشف علماء الآثار قصرًا ربما كان هو مكان المتاهة الكريتية. إذ تم اكتشافه في المدينة الكريتية كنوسوس ويحتوي المكان على ممرات وطرق فرعية عديدة ويشبه المتاهة الأسطورية. وعثر على فؤوس كثيرة ذات رؤوس مزدوجة في القصر. ويعتقد معظم العلماء أن كلمة متاهة كانت تعني في الإغريقية الفأس ذات الرأس المزدوج. وأصبحت تعني المكان الذي يحتوي على طرق وممرات عديدة معقدة.
وقد ذكر پلني الأكبر في كتابه التاريخ الطبيعي أربع قصور تيه قديمة:
قصر التيه الكريتي
قصر التيه المصري
قصر التيه اللمني
وقصر التيه الإيطالي.
وهذا يجعلنا نفكر ان فكره اللابرانث التى استواحها الاغريق هى فكره معماريه مصريه صميمه نقلت من مصر
والواقع انه في القرن التاسع عشر، تم اكتشاف بقايا قصر التيه على بعد “11 1/2 ميل من هرم الهوارة في محافظة الفيوم.”. توجد أبنية تحتوي على شبكة من الممرات والطرق الفرعية التي لا نهاية لها في بعض حدائق الترويح، وتسمَّى المتاهة، وتُستخدم لاختبار المهارة في حل المعضلة. إذ إن كثيرًا من الألعاب والتمارين المسلية تقوم أساسًا على فكرة المتاهة، وتستخدم أيضًا في التجارب لاختبار ردود الفعل عند الحيوانات.
أن معبد ” اللابرانت” أو “قصر التيه” فى الفيوم بمصر كما سماه الإغريق، شيده الملك ” أمنمحات الثالث” فى منطقة هوارة قرب بالفيوم، وقد سمى قصر التيه لأنه يوجد به أكثر من 3 آلاف حجرة، و المؤرخ “هيرودوت” سجل إعجابه بهذا القصر وقال عنه ” أنه يفوق الوصف, ويتكون من 12 بهوا, ومن 3 آلاف غرفة، نصفها تحت الأرض, ونصفها الأخر فوقها، والغرف العليا تفوق ما أخرجه الإنسان من آثار، إذ أن سقوفها كلها قد شيدت من الأحجار، ويحيط بكل بهو أعمدة مصنوعة من الأحجار البيضاء”.
ثانيا : فكره الملك الثور
كان احد رموز الملكيه فى كريت هو الثور الضخم ومينتور المتاهه نفسه كما سبق ان شرحنا اسطورته فى النقطه الاولى كان نصف ثور ونصف ادمى
وهذه هى صوره المنيتور كما ورد على الاوانى الفخاريه الاغريقيه
الواقع ان الثور رمز شرقى ايضا موغل فى القدم فورد بكثره فى النصوص المسماريه بل ان الثور المقدس يستكب اهميه بالغه عند الاريين الميدين مؤسسى السلاله الاخمينيه فى فارس وكتاب الزند افستا او لدى الفرع الاري الهند المستقر فى راجستان وكتاب الفيدا المقدس
لكن الثور ايضا رمز ملكى مصرى قديم نشاهده ايضا فى اثر هام هو صلايه الملك الثور وهى من اهم اثار هذا الملك وتوجد باللوفر وقد ابدع فنان الصلاية فى تصوير القوة البدنية للملك ممثلا فى ثور
اظهر الفنان تفاصيل جسده وعضلات سيقانه ولكنه تصرف فى تشكيل راسه وعينيه فكسا جبهته ومقدمة راسه بشعر مموج مرتب واظهر خطوط حول عينيه وانفه توحى بانه قد كسى وجه غطاء مزخرف شانه شان فحول العصور المتاخرة التى رمز اصحابها بها الي بعض معبوداتهم وخلعوا عليها نصيبا من قداستهم واهتموا بزينتها فى حياتهم ومماتهم ولم يرمز الفنان بالفحل الى ثور حقيقى وانما رمز به الى ملكه الذى تخيله ذا بطش شديد وقوة تفوق قوة البشر وقد كانت الفحول ولا تزال اكثر الجيوانات الاليفة فى البيئات الزراعية نفعا حين هدوئها واكثرها احتمالا حين عملها واكثرها بطشا حين غضبها وظل تشبه الملوك المصريين بالفحول منذ ذلك الحين قرينا لتشبههم بالاسود
ولم يكن الخصم الذى طرحه الفحل ارضا غير رمز او رئيس لمنطقة من البادية او من حواف الدلتا لا يبعد ان اسمها كان مشارا اليه بعلامة تصويرية الى جانبه وظهر تحت الثور وخصمه على احد وجهى الصلاية خمسة الوية مقدسة يعلوها رمزان للمعبود وب واوت (فاتح الطريق) ورمز للمعبود تحوت ورمز للمعبود حور ورمز للمعبود مين وامتدت من كل لواء منها يد بشرية واضحة التفاصيل وقبضة الخمسة ايادى على حبل غليظ طويل كان يلتف من غير شك حول رقاب طائفة من الخصوم ضاعت صورهم فيما ضاع من جسم الصلاية وربما اراد فنان الصلاية ان يعبر بالوية الارباب عن مشاركتهم للملك وتاييده في حربه او انه قد اراد التعبير بها عن اتباعها الذين حالفوا الملك ضد خصومه
ثالثا : الاوانى الفخاريه والاختام
لقد كشف بتري فى مقابر العهد الطينى بالعرابه المدفونه بعض انواع من الفخار يعتقد هو من اشكالها وطراز صنعها ان موطنها الاصلى جزر بحر “ايجه”
غير ان هذا الراي لم يشاطره فيه معظم العلماء المتخصصين فقال ارك بيت : ان الفخار الذى عثر عليه الاستاذ بترى لا ينتمى الى ايه صناعه ايجيه
ولكن من جهه اخرى يوجد بالمتحف البريطانى انيه صغيره من الفخار الاسمر اللون المحزز كشف عنها فى انتباروس يدل نموذج صناعتها على انها مصريه بدون شك ويرجع صناعتها الى ما بين الاسرتين الثالثه والرابعه اى من عهد الدوله القديمه
عثر ايضا على اوان فى مصر وجد لها مثيل فيما كشف عنه فى حفائر سهل مسارا وفى كنوسوس ففى الاخيره عثر السير ارثر ايفانز على قطع ذات اهميه اثريه بعضها اجزاء انيه من الديوريت بينها وبين الاوانى التى عثر عليها فى عهد الملك سنفرو شبه عظيم وقد عثر على اوان اخرى من نموذج نفس العصر ولكنها مصنوعه من الطلق الايوليتى (اسيا الصغري )
وانه لمن الصعب جدا ان تنسب القطعه الاولى لمصدر غير مصر اذ الواقع ان الماده التى صنعت منها والشكل الذى ركبت به عليها الطابع المنفى اما الثانيه فانه من المحتمل جدا ان نقلها الصانع الكريتى عن نموذج مصرى كان لديه ورغم ذلك فان الاستاذ بيت قد عارض فى ذلك ايضا ولكنه حجته ضعيفه
واهم من كل ما سبق انه قد عثر على اختام على شكل ازرار فى مصر فى عهد الدوله القديمه وكشف عن مثيلاتها فى كريت
والحقيقه التى لا تقبل الشك هى استعمال هذه الاختام فى البلدين وفى عصر واحد وهذا ما يؤكد الراى القائل بوجود علاقات بين مصر وكريت من عهد الدوله القديمه ويضاف الى ذلك انه عثر على بعض اثار مصنوعه من حجر الابسديان (الزجاج البركانى) فى المقابر المصريه منذ عصر ما قبل الاسرات وهذه الماده لا توجد فى جبال مصر قط ولكنها من جهه اخرى توجد فى جزر بحر ايجه بكثره فى ميلو ولذلك ظن بعض العلماء انها قد جلبت من هذه الجزر
وقد عثر ايضا على بعض اشياء مصنوعه من ماده الصنفره فى مقابر عصر ما قبل الاسرات ولا يمكن ان يكون اصلها الا من جزر الارخبيل وبخاصه جزيره نكسوس
ومن المؤكد ان المصريين كانوا يعرفون جزر البحر المتوسط منذ القدم فقد ذكر فى ورقه بردى محفوظه فى برلين ويرجع تاريخها الى الاسره الثانيه عشر ان هذه الجزر كانت معروفه سماعا لدى عصر الدوله القديمه وقد جاء ذكر سكان هذه الجزر خاونبو فى متون الاهرام حتى ان ماسيبرو قال عنهم ” ان وجود هؤلاء القوم كان معروفا منذ امد بعيد قبل تدوين متون الاهرام ”
ولان المصريين شعب ملاحى منذ القدم فلا شك انهم سبروا اغوار البحر المتوسط وكانوا على درايه باتجاهات الرياح فيه والواقع انه توجد ريح شماليه فى البحر الابيض عندما تهب بشده تقود السفن من جزر سيكلا الى كريت ومن ثم الى مصر مباشره
ويؤكد برستد ان 340 ميلا بحريا التى تفصل مصبات النيل عن سهل مسارا يمكن قطعها فى مده تلاته ايام او اربعه على الاكثر وبما ان البحاره المصريين قطعا قد وصلوا الى فينقيا لاحضار خشب الارز الضروروى لاستكمال شعائر الدفن فلا يمكن اتجهاهم شمالا نحو قبرص وكريت ايضا
كانت هذه الشواهد هى الاهم من وجهه نظر الباحث وهى ضمن دراسه موسعه سيقوم بالعمل عليها لاحقا لدراسه التاثير المصرى على الحضاره الاغريقيه والذى ينطلق من فكره رئيسيه ان جميع الحضارات اشتركت فى بوتقه صهر او بركه افكار واحده thinking pool ساهمت فيها وفى نفس الوقت نهلت منها ولا يمكن لاى حضاره ان تنشا مكتمله ومثاليه دفعه واحده بل تتعلم من حضارات مجاوره وسابقه ثم تنقل عصاره ما هضمته من معارف وخبرات الى حضارات اخرى وهكذا فى دورات تاريخيه لا تنقطع وهذه هى حكمه التاريخ !
التعليقات