السبت الموافق 08 - فبراير - 2025م

عذرا ألم يحن محاسبة النفس !!

عذرا ألم يحن محاسبة النفس !!

بقلم : حازم محمد سيد

 

يقول الله تعالى (﴿يَا أَيهَا الذِينَ آمَنوا اتقوا اللهَ وَلْتَنظرْ نَفْسٌ ما قَدمَتْ لِغَدٍ وَاتقوا اللهَ إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلونَ﴾ الحشرويقول النبى صلى الله عليه وسلم ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله)).النفس بطبيعتها كثيرة التقلب والتلون , تؤثر فيها المؤثرات وتعصف بها الأهواء فتنجح لها وتنقاد إليها ،وهى فى الحقيقة تسير بالإنسان إلى الشر وصدق رب العزه عندما قال ((إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي)):يوسف.

 

ولذا فإن خطرها عظيم على المرء وإذا لم يستوقفها عند حدها ويلجمها بلجام التقوى والخوف من الله تعالى ، ويؤطرها على الحق أطراً ،وأن هذه الحياة مليئة بألوان الفتن والشهوات ، والناظر في حالِ الناسِ اليوم ، يرى رُخص النفوسِ عند أهلِـها ، ويرى الخسارةَ في حياتِـها لعدمِ مُحاسبتِها ، والذين فقدوا أو تركوا محاسبةَ نفوسِهم سيتحسرون في وقتٍ لا ينفعُ فيه التحسر ،مصداقا لقول الله تعالى ((أنْ تَقولَ نَفسٌ يا حَسْرتى عَلى ما فَرطتُ في جَنْبِ اللهِ وإنْ كُنْتُ لَمِنَ الساخِرين )) الزمر فإن محاسبة النفس هو طريق استقامتها، وكمالها ، وفلاحها ، وسعادتها،والإنسان الكيس هو الرجل الحازم الذي يغتنم الفرص ويتخذ لنفسه الحيطة حتى لا تفوت عليه الأيام والليالي فيضيع،وهنا أتذكر قول سيدنا عمر بن الخطاب عندم كتب إلى بعض عماله وقال ( حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة ، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة عاد أمره إلى الرضى والغبطة، ومن ألهته حياته وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة ) ، وإهمال محاسبة النفس وترك الزمام لها يترتب عليه أمرٌ هامٌ جداً ، ألا وهو هلاكُ القلب ، هـلاكُ القلب واسوداده بالران حتى يصبح لا يعرف معروفا ، ولا ينكر منكرا ! وتعتاد النفس على الانهماك في الرذائل والقبائح ،ولمحاسبة النفس أنواع ، نوع قبل العمل وهو أن يقف عند أول همه وإرادته، ولا يبادر بالعمل حتى يتبين الدافع له على ذلك الهم ليعالج نيته ويصححها ويحاسب نفسه عليها ،والنوع الثانى إثناء العمل وهو عند إرادة العمل وبدايته ينظر العبد هل هذا العمل مقدور عليه أو غير مقدور عليه ، وهل ترجح العمل به على تركه؟

 

وهل يجد في نفسه ما طرأ عليه من الرياء الذي يفسده ؟ورحمة الله الحسن عندم قال ( رحم الله عبداً وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر )ونوع أخر فى محاسبة النفس وهو بعد العمل ، وهذا أيضا أنواع فى محاسبة النفس على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى فلم توقعها على الوجه الذي ينبغي . ثم يحاسب نفسه هل قام بطاعة الله على وجه يرضي الله تعالى أم قصر بذلك؟،أو أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه أكان تركه خيراً من فعله ؟.،أو أن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد ، لِمَ فعله؟ وهل أراد به وجه الله والدار الآخرة؟

فيكون رابحاً، أو أراد به الدنيا وعاجلها؟ فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به،ولمحاسبة النفس فوائد جمة منها إعانتها على المراقبة ، ومعرفة أنه إذا اجتهد بذلك في محياه إستراح في مماته، فإذا أخذ بزمامها اليوم وحاسبها إستراح غداً من هول الحساب، ومعرفةُ كرَمِ الله سبحانه ومدى عفوهِ ورحمتهِ بعبادهِ في أنه لم يعجل لهم عقوبتَهم معَ ما هم عليه من المعاصي والمخالفات ،والزهد في الزهيد الذي لا يساوي جناح بعوضة ، ومقتُ النفس التي تسعى فيها بالخسارة ، والتخلصُ من التكبرِ والعُجْب ، وردُ الحقوقِ إلى أهلِـها ، ومحاولةُ تصحيحِ ما فات،وهنا كان لزاما على كل عبد يرجو لقاء ربه أن يطيل محاسبته لنفسه، وأن يجلس معها جلسات طوالاً، فينظر في كل صفحة من عمره مضت : ماذا أودع فيها، ويعزم على استدراك ما فات، ويعد العدة لسفره الطويل إلى الله تبارك وتعالى فالقدوم عليه لا مناص منه ولا محيض. ومن عقل وتبصر علم أن بعد هذه الحياة بعثا وحساباً، ومرتقى صعباً، المهبط منه إما إلى الجنة وإما إلى النار ،فعذرا فلست أنا صاحب قلم ، ولكن هى مشاعرى وأحاسيسى نقلها قلمى حينما نزف على الورق ، وهى ليست مجرد كلمات أو حبر على ورق، فقلمي ينزف ما يعانيه القلب من جراح.. من عذاب.. من قهر.. لفراق الحبيب الغائب عن النظر.. فعذراًوعذراً.. فلست أنا صاحبة قلم.. إنما أهوى الكتابة وأترك كلماتي لنزيف قلمي!!!!.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79679624
تصميم وتطوير