بقلم :::: د. رضا عبد السلام محافظ الشرقيه السابق وأستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق جامعة المنصورة
عرضت عليكم في مقالى السابق أسباب التراجع المفاجيء في سعر صرف الجنيه امام الدولار خلال الاشهر الستة الماضية.
وقد اوضحت ان مصادر تدفق الدولار لمصر شهدت هي الاخرى تراجعا جسيما لا سيما فى مجال السياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج وقناة السويس واشتدت الحدة الأزمة نظرا لأن الواردات في تصاعد في حين لم تشهد صادراتنا تغيرا ملموسا كما أكدنا على اننا وبصدق تام مع النفس لايمكن ان ننكر عنصر المؤامرة لاسقاط مصر من خلال اسقاط عملتها ؛ لانه بتراجع الجنيه امام الدولار ترتفع الاسعار في السوق فيشتعل ومعه تشتعل اوضاع المواطنين فيخرجون الى الشوارع ثائرين .
والحقيقة أنه يوجد عدة حلول وقتية عاجلة ينبغي تبنيها مثل تغليظ عقوبات الاتجار بالعملة وترشيد انفاق المؤسسات الحكومية…الخ .
ولابد لنا جميعًا الاتفاق على أن إقتصادنا إقتصاد ريعي ، أي أننا نحصل إيرادات من قطاعات منتجة بطبيعتها مثل قناة السويس او التحويلات او السياحة وهذا خطأ وخطر كبير أن يكون اقتصادنا ريعي مرتبط بعوامل خارجية يتحكم فيها غيرنا ، ولهذا أصابنا ما أصابنا بعد حادث الطائرة حيث ضربت السياحة .
فالإقتصاد القوي هو ذلك الاقتصاد المنتج أي الذي تكون فيه عملية الانتاج على أشدها وهنا مهما حدثت الضربات الخارجية فلن يتضرر كثيرا ، ولكننا كاقتصاد نعاني من ضعف الانتاج المحلي ، لذا نعتمد على ثلثي استهلاكنا من السلع المستوردة بالدولار .
ولك أن تتخيل معي عزيزى القارئ بأننا مثل الصين، عجلة انتاج تدور بقوة، الكل يعمل وينتج ويبدع ويصدر .. ألم تصبح الصين مصنع العالم؟ نعم…لم يزعجهم عدد السكان كثيرا، ولكنهم استثمروا كل شئ فغزوا العالم بمنتجاتهم ولهذا لاتعاني الصين من عجز الميزان التجاري كما نعاني نحن ؛ فالصين لديها فائض في الميزان التجاري يتخطى 3 تريليون دولار أي ثلاثة آلاف مليار دولار وهو ما يعني ان الفارق بين ما تصدره وما تستورده الصين هو فائض بهذا القدر المهول. وكل هذا بسبب الطلب العالمي الكبير على المنتجات الصينية، حيث نجد الصين تضغط على عملتها حتى تبقى منخفضة !!! أي أنهم يفعلون عكسنا تماما ؛ لأنهم حريصون على استمرار مسيرة التصدير.
ولذلك وجب علينا أن نُقِرَّ بوضعنا المؤسف وهو أننا شعب مستهلك غير منتج ، وكل ما ذكرته فى مقالاتى السابقة من حلول وقتيه لابد أن تدعمها جهود حقيقية لتحريك عجلة الانتاج .. وهنا سأختصر بعض الحلول في نقاط سريعة:-
1/ لامركزية حقيقية وان نتوقف عن الكلام دون فعل ؛ فمصر مكبلة بتشريعات عفى عليها الزمن. لذا يلزم وضع جدول زمني لاصدار تشريعات جديدة كالاستثمار والادارة المحلية…الخ.
2/ الاسراع باصدار قانون ينظم التصالح في مختلفات البناء على الارض الزراعية لانه تاكد على وجه اليقين بان الموقع الذي يتم البناء فيه لايعود الى طبيعته رغم هدم المبنى والحسائر العامة والخاصة ، ومصر بحاجة الى تشريع عاجل يحدد مقدار الغرامة عن كل متر ارض او بناء وهو ما سيوفر الاستقرار فضلا عن مئات المليارات للخزانة العامة وانا اعني مئات المليارات التي يمكن استخدامها في تطوير واستصلاح مناطق جديدة وسد العجز.
3/ حتى تصدر التشريعات لابد من تفويض المحافظين في اختصاصات الوزراء المعنيين، لانني شخصيا وبعد تجربة في واحدة من محافظات مصر أدركت ان هناك الاف المشروعات المتوقفة انتظارا لموافقة من وزير….الخ. 4. تيسيرا على كل من يرغب في اقامة مشروع لابد من وضع جدول زمني ملزم لكل محافظ لتطبيق نظام النافذة الواحدة، بحيث يتمكن كل من يرغب في اقامة مشروع من الحصول على الموافقة خلال ساعات وبأقل تكلفة وجهد ممكن لان الوضع الحالي لابيشر بأي خير.
- على وزارتي التجارة والتخطيط وضع حصر دقيق للسلع التي يغلب استيرادها من الخارج وتقديم حوافز جادة للمستثمرين المحليين للاستثمار فيها وبالتالي ننتج محليا ما كنا نستورده.
6/ ارتباطا بالمقترح السابق لابد من تشجيع الاستثمار الاجنبي للقدوم لمصر للاستثمار في الانشطة او انتاج السلع التي كنا نستوردها .. فمثلا لو كنا نستورد بالمليارات مدخلات انتاج سيارات، فالاصوب دعوة الشركة للاستثمار على ارض مصر وبالتالي نحقق فوائد لاحصر لها مثل خلق وظائف وضرائب ستدفع ، وسلع قد تصدر وتكنولوجيا يتم نقلها…الخ.
كل ما عرضت له اعلاه يستلزم رؤية واضحة لدى الحكومة ويد من حديد تحدد برنامج زمني ملزم لكل مسئول ، عندها ستتحرك عجلة الانتاج وسننتج اكثر مما نستهلك وسنصدر الفائض، وعندها ستصبح للجنيه قيمة امام العملات الدولية ومنها الدولار. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد .
التعليقات