عبدالعزيز محسن
قال الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة ،في كلمته بالمؤتمر الختامي لمبادرة شباب مصر والمجلس القومي للسكان ” مبادرة شباب مصر لها أهمية بالغة من وجهة نظري؛ لأنها تعمل على تغيير طرق التفكير وتنمية الوعي لدى الشباب والمجتمع من خلال تصدير الأفكار الإيجابية عن عديد من الموضوعات، وفِي مقدمتها ما يمكنني تسميته “نمط الحياة”، بوصفه من أهم حلول المشاكل الكبرى التي تواجه عملية التنمية الشاملة في مصر؛ لما ينطوي عليه (نمط الحياة المصرية) من سلبيات عديدة أتصور أننا بحاجة لسعي مجتمعي حثيث نحو تغييرها”
وأضاف الخشت ” لن أبالغ إذا قلت إننا بحاجة ماسة إلى تغيير نمط الحياة المصرية عامة، ذلك أن مثل هذا التغيير من شأنه أن ينعكس -بالإيجاب- أنعكاسا كبيرا على عملية التقدم والتنمية الشاملة للوطن، أننا نستطيع أن نصنف دول العالم حسب درجة تقدمها تبعا لنمط الحياة في هذه الدول، فنمط الحياة ليس شيئا عارضا أو ثانويا أو هامشيا، ولكنه وثيق الصِّلة بالتأثير المباشر الناتج عن أي دولة من الدول؛ فما الفرق بين اليابان وأمريكا والصين من جانب ودول العالم الثالث من جانب آخر؟ إن الفارق الجوهري بينهم هو ما يمكننا في التحليل الأخير إختزاله ببساطة في “نمط الحياة”، وأنا منتبه جدا إلى نمط الحياة، خاصة أنه مرتبط بمشروع سبق أن أطلقناه في جامعة القاهرة وهو تطوير العقل المصري
وأشار الخشت إن التقدم الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي في الصناعة والزراعة لن يحدث إلا بتغيير طرق التفكير والأفكار معا؛ حيث إن الأفكار الإيجابية موجودة في كل مكان، والمشكلة ليست في الأفكار بل في طريقة تعامل كل فرد مع هذه الأفكار الإيجابية، لقد مر بمصر العديد من الأفكار المتنوعة الرأسمالية والاشتراكية والدينية والليبرالية، وتمت تجربتها جميعا ولم يحدث تقدم؛ لأن طرائق التفكير ظلت على آليتها الخاطئة. والمثال التقريبي لهذه الفكرة واضح جدا في المجال الحاسوبي -على وجه الدقة- في العلاقة بين الويندوز (الذي هو بمثابة آلية التفكير) والأبلكيشن (الذي هو بمثابة الأفكار)، فمهما كان الأبلكيشن متقدما وبقي الويندوز قديما فإنه لا قيمة لهذا الأبلكيشن المتقدم؛ لأنه لن يعمل أصلا أو لن يعمل بالكفاءة المطلوبة، وبالمثل فإنه مهما كنا نملك أفكارا عظيمة والسوفت وير لطرق التفكير قديم فلن يحدث أدنى تقدم.
وأكد أنه فى هذا الإطار جاءت أهمية تدشين جامعة القاهرة مشروع تطوير العقل المصري؛ في سبيل تغيير طرق تفكير المصريين والارتقاء بوعيهم على مستويات شتى في مقدمتها الصحة وارتفاع معدلات المرض واللياقة البدنية الذي يؤثر بدوره على التنمية والاقتصاد والأداء اليومي في المصنع والحقل والمؤسسة، فنحن نحتاج إلى صحة ولياقة بدنية حتى نعمل بشكل فعال ومنتج؛ لأن نسبة المرض في مصر تؤدي إلى إهدار كبير في موازنة الدولة، فلو عملنا على تغيير نمط حياتنا لأصبحت صحتنا أفضل ولوفرنا ميزانية الدولة لتذهب إلى أشياء أخرى مفيدة، فبتغيير عاداتنا السيئة نستطيع أن نوفر مليار جنيه تنفق على علاج الأمراض، فنحن بحاجة مثلا إلى تغيير مفهوم الأسرة التي تؤمن أن كثرة الأولاد عزوة، ومثل هذه الأسرة لا بد أن نساعدها لتغيير طريقة تفكيرها لتدرك أن المعيار بالكيف وليس الكم، وهذا مرتبط ارتباطا وثيقا وجوهريا بمبادرة شباب مصر وسعيهم لرفع معدلات الوعي، خاصة أنهم تحركوا على مستوى كثير من الجامعات المصرية؛ لأن الشباب هم أدوات العمل لنشر الوعي نفسه بناء على ثقافة التطوع خاصة في اليوم العالمي للتطوع؛ حيث لا يستطيع الأفراد أن يقوموا بعمل كل الأشياء بمفردهم، ولا تستطيع الحكومة أن تقوم بعمل كل الأشياء بمفردها، وبهذه المناسبة فإنني أحيي المجلس القومي للسكان على هذه المبادرة من أجل المشاركة في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها مصر في هذا الإطار.