انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (الأسباب والتداعيات) ١ من ٢
كتب: درضا عبد السلام
الاتحاد الأوروبي هو اتحاد بين ٢٨ دولة تتكلم ٢٤ لغة وتنتمي الى مذاهب دينية وانظمة حكم مختلفة. اصبح هذا الاتحاد يشكل اكبر قوة اقتصادية في العالم تليه الولايات المتحدة بعدد سكان يزيد عن ٥٠٠ مليون نسمة. شكل هذا الاتحاد قوة الهام لمناطق كثيرة في العالم فبدأت في تقليده.
قررت تلك الدول الاتحاد لان في الاتحاد قوة كما علمنا المثل العربي. وامامهم التجربة الناجحة في امريكا المكونة من ٥٢ ولاية اتحدت فقويت.
بدأ هذا الاتحاد بسبع دول فقط من خلال اتفاقية روما عام ١٩٥٧م والان ٢٧ بعد انسحاب بريطانيا وهناك ٥ دول اخرى تتفاوض للانضمام.
الحقيقة المرة هي ان بريطانيا وهي من السبعة المؤسسين عام ١٩٥٧، كانت مثل الشريك المخالف على طول الخط. فكانت دائما تغرد خارج السرب واذا اتجهت دول الاتحاد لرأي او لموقف كانت بريطانيا في موقف مختلف وغالبا كانت على مدار الرحلة مع الموقف الامريكي في اي قضية.
وهنا اذكر بعض الامثلة التي تدل على ان بريطانيا شكلت على مدار الرحلة معول هدم للاتحاد:
اولا في المواقف السياسية كانت في اغلب المواقف مع الموقف الامريكي. واتذكر هنا انني اثناء بعثتي للدكتوراه في بريطانيا اتهم احد اعضاء مجلس العموم البريطاني انذاك توني بلير بقوله ” انت ذيل لكلينتون” اي ان رئيس وزراء بريطانيا ذيل لرئيس امريكا. نعم في قضية العراق وغيرها كان الاتحاد الاوروبي في وادي وبريطانيا وحدها في واد مختلف.
ثانيا مسألة الانضمام لمنطقة اليورو، فاليورو هو العملة الموحدة لدول الاتحاد الاوروبي وهو اعلى واسمى مظاهر الاندماج، حيث تخلت ١٩ دولة من بين ال٢٨ دولة الاعضاء طواعية عن عملاتها الوطنية.
كان يفترض ان تكون بريطانيا سباقة للانضمام باعتبارها من المؤسسين عام ١٩٥٧م ولكن للأسف اصر البريطانيون على البقاء خارج منطقة اليورو عندما تم طرحه في الاول من يناير ١٩٩٩. تخيلوا لو كانت بريطانيا بما لها من وزن قد انضمت لليورو مع فرنسا والمانيا وايطاليا…الخ، مؤكد كان اليورو سيصبح اكثر قوة.
السؤال لما لم تنضم لليورو عندما تم تداولة في يناير ١٩٩٩م؟
الحقيقة يعرفها كل من عايش البريطانيين، وقد عشت هذا الجدل في بريطانيا خلال فترة بعثتي التي امتدت من ١٩٩٧ وحتى ٢٠٠٠. البريطانيون لديهم اعتزاز كبير بأنفسهم وبتاريخهم . واذا سألت اي انجليزي من اين انت، سيقول لك وانفه مرفوع للسماء، انا من بريطانيا العظمى!!!،
كان رفض الانجليز الانضمام لليورو سببه تمسكهم التام بالحنيه الاسترليني الذي تظهر عليه صورة الملكة والتاج البريطاني، كيف يتخلوا طواعية عنه من اجل ورقة خضراء، شفلتهم بريطانيا ولما يشغلهم تقوية الاتحاد الذي هم جزء منه.
نواصل في مقالنا القادم الحديث عن الازمات التي تعرضت لها دول الاتحاد الاوروبي وازمة اليورو وتحديدا منذ ازمة امريكا عام ٢٠٠٨، فالتوقعات كانت تشير الى حلول اليورو محل الدولار كعملة احتياط عالمية عام ٢٠٣٠م، ما الذي حدث وكيف اسهمت بريطانيا في ذلك وما هي تداعيات خروج بريطانيا على بلد كمصر وعلى بريطانيا نفسها؟ هذا ما سنجتهد للاجابة عليه في مقالنا القادم بإذن الله.
(ملحوظة: المقال أعلاه كنت قد نشرته عام ٢٠١٦ في مثل هذا اليوم وتحل ذكراه اليوم، رأيت فيه الفائدة فأعدت نشره على حضراتكم..دمتم بألف خير)
التعليقات