Site icon جريدة البيان

حتى لا نفقد السائح الروسي نهائيا!

بقلم_ نبيل الغنيمى

 

تطور لافت كشف عنه استطلاع حديث للرأي اجراه قبل ايام مركز دراسات الرأي العام في روسيا: المواطن الروسي لا يريد ان يذهب الى مصر لأنه “لا يشعر بالامان”!
لا مجال هنا للتشكيك بصحة المعطيات التي قدمها المركز، لأنه واحد من المراكز الرصينة التي تنظم استطلاعات رأي بشكل دائم، وتتسم غالبيتها بالموضوعية. لكن هذا الاستطلاع بقدر ما هو مزعج، فهو يفتح على اسئلة في شأن الاسباب التي ادت الى تبدل مزاج المواطن الروسي الذي كان يرى في بلد الاهرامات والمنتجعات مقصدا سياحيا لا يمكن ايجاد بديل عنه.
حتى يتضح الموقف اليكم نتائج الاستطلاع بالارقام: غالبية تصل الى 71 فى المائة اعلنت تأييدها قرار الحظر المفروض على رحلات الطيران إلى مصر. 65 فى المائة يرون ان مصر لا توفر تدابير أمنية مناسبة ولا تستطيع حماية السياح من هجمات إرهابية. 82 فى المائة من الروس لا يعتزمون السفر قريبا إلى مصر.
وما يصدم اكثر في نتائج الاستطلاع ان اكثر بقليل من نصف الروس اعلنوا انهم بالاضافة الى مقاطعة مصر فهم سوف ينصحون معارفهم بعدم التوجه اليها لقضاء اي عطلة. و 2 فقط في المائة من الفئات المشاركة في الاستطلاع قالت انها قد تزور مصر هذا العام او العام المقبل!
امام هذا المزاج الشعبي الروسي، لا يمكن الا توجيه اصابع الاتهام الى التغطيات الاعلامية المتواصلة التي هزت صورة مصر في اذهان المواطنين الروس، ناهيك طبعا عن المجرم الاساسي وهو الارهاب الذي ساهم بالفعل في تشويه سمعة مصر.
لكن مع الواقع الجديد، يجب ان يطرح السؤال الاساسي: ما الذي يمكن فعله لتغيير هذه الصورة؟ وكيف يمكن تسريع وتيرة تحرك كل الجهات المختصة في مصر لمواجهة عقبات تطور من هذا النوع؟ لأن المشكلة لم تعد مقتصرة على قرار سياسي باعادة الرحلات يمكن ان يتخذ في اي لحظة، بل تتعدى ذلك الى تبدل في مزاج “الزبون” الذي هو دائما على حق.
لا يمكن عندما نناقش هذا الملف ان نتجاهل انه حاضر بقوة في وسائل الاعلام الروسية من خلال دعوات متواصلة لمواصلة الحظر، والسؤال المطروح: لماذا لا نرى نقاشا موضوعيا معمقا في وسائل الاعلام المصرية لكيفية التعاطي مع هذه المشكلة وسبل تسويتها؟ مع ادراك الجميع لاهمية هذا الموضوع بالنسبة الى قطاعات كثيرة متعلقة بالسياحة في المجتمع المصري.

على المستوى السياسى تسعى مصر الى عودة السياحة الروسية فى اسرع وقت ممكن ، ولكن هناك سؤال آخر مطروح: اذا طالت هذه الازمة، كيف يمكن لمصر ان تتعايش معها؟ وان تعمل ما بوسعها لتجنب خسارة الزبون الروسي المهم بالنسبة الى اقتصادنا؟
لنعد قليلا الى الوراء، كانت الشركات التركية سابقا هي المهيمنة على قطاع السياحة الروسية الى مصر، وثمة اسباب تدفع الى الاعتقاد بأن واحد من اسباب تعقيد الموقف الحالي سعي شركات روسية للاستئثار بهذا القطاع. الا يستوجب الوضع الحالي بذل جهود لتأسيس شركات مصرية – روسية لتسهيل تعاون مشترك في هذا المجال وتسريع وتيرة التوصل الى حلول قبل ان نفقد كل السياح الروس؟
ايضا، الا يستوجب الوضع الحالي بذل جهد مضاعف للترويج لمصر، والتأكيد للمواطن الروسي ان المنشآت السياحية في مصر بخير، ومؤمنة جيدا، وانه لا خوف على الروس في بلادنا؟
اسئلة كثيرة مطروحة امام صناع القرار في السياسة السياحية في مصر، للرد على الانكفاء الروسي عن السياحة في مصر. والاستنتاج الاساسي ان علينا الا ننتظر القرار الروسي بل ان نتكيف مع احتمال ان تطول مرحلة الحظر وان نبحث عن بدائل لتشجيع الروس لزيارة مصر عبر اليات جديدة.

Exit mobile version