كتب- أسامة خليل
تتصاعد في الآونة الأخيرة حالات الانتحار باستخدام “حبة الغلة”، تلك المادة السامة التي تحولت من أداة زراعية إلى وسيلة للموت السريع.
وبينما تتزايد هذه الظاهرة بصمت مخيف، يبقى الإعلام بعيدًا عن دوره في التوعية والتأثير الإيجابي.
الأسباب وراء انتشار الظاهرة
يقول أحمد محمود السيد، أحد المواطنين المتقاعدين، بالمعاش إن “سهولة الحصول على حبة الغلة وغياب الرقابة على بيعها في الأسواق تجعلها خيارًا مأساويًا لمن يبحث عن الخلاص من أزماته.”
أما حسن خليل صالح، المحامي، فيشير إلى أن “الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، مثل البطالة والفقر، تُضاف إليها الأزمات النفسية، لتُشكل بيئة مثالية لانزلاق الأفراد نحو هذا المصير المؤلم.”
دور الإعلام بين الغياب والمأمول
يتفق المواطنون والخبراء على أن وسائل الإعلام لا تزال بعيدة عن تقديم معالجة شاملة لهذه القضية. يقتصر دورها على نقل الأخبار دون التعمق في الأسباب أو تقديم حلول.
هنا يأتي السؤال: لماذا لا يتم استغلال الإعلام كأداة للوقاية والتوعية؟
يؤكد أحمد محمود أن “الإعلام لديه القدرة على تغيير الصورة النمطية عن الانتحار، وتحفيز النقاش العام حول الصحة النفسية ودعم الفئات المهمشة.”
من جهة أخرى، يرى حسن خليل أن “الإعلام يجب أن يتحمل مسؤولية نشر حملات توعوية تستهدف فئة الشباب، وتعمل على إزالة الوصمة المرتبطة بمشكلات الصحة النفسية.”
وشهدت محافظة المنيا في الآونة الأخيرة عدة حالات انتحار باستخدام “حبة حفظ الغلال”، التي أصبحت وسيلة شائعة بسبب سهولة الحصول عليها وسميتها العالية.
من بين هذه الحالات، انتحر طالب بالصف الثالث الثانوي الفني إثر خلاف مع والده حول ديون مالية بسيطة، كما أقدم مزارع يبلغ من العمر 42 عامًا على إنهاء حياته بسبب خلافات أسرية.
تعكس هذه الحوادث خطورة المشكلات النفسية والاجتماعية التي تدفع الأشخاص للانتحار.
وتؤكد الجهات المختصة ضرورة توعية المجتمع بأهمية الدعم النفسي واستخدام الخطوط الساخنة التي تقدم المساعدة لمن يعانون من ضغوط نفسية.
خطوات نحو الحل
تفعيل الرقابة: يجب وضع قوانين صارمة لتنظيم بيع حبة الغلة وحصر استخدامها في الزراعة فقط.
التوعية المجتمعية: إطلاق حملات إعلامية تهدف لتسليط الضوء على أهمية الصحة النفسية وضرورة طلب المساعدة.
الدعم النفسي والاجتماعي: توفير مراكز متخصصة ومجانية لدعم الأفراد الذين يعانون من ضغوط الحياة.
تعزيز دور الأسرة: تشجيع التواصل المفتوح بين أفراد الأسرة لمواجهة الأزمات النفسية مبكرًا.
الخلاصة
حبة الغلة ليست مجرد مادة سامة؛ بل رمز لظاهرة تستدعي اهتمامًا مجتمعيًا وإعلاميًا أكبر. وبينما يعاني الضحايا في صمت، يبقى الأمل في أن تتحرك الجهات المعنية لوقف هذا النزيف الاجتماعي، وإعادة الأمل لمن فقدوه.