السبت الموافق 08 - فبراير - 2025م

ثروات الأوقاف من “المال السايب” إلى إثراء ودعم الاقتصاد ..

ثروات الأوقاف من “المال السايب” إلى إثراء ودعم الاقتصاد ..

گتبت / تقى محمود

تگررت الجرائم المتتالية بحق الأوقاف المصرية، ربما تكون مناسبة لإعادة النظر في هذه الثروة المهدرة، ليس فقط بسبب التعديات وعمليات الفساد والتلاعب التي ترتكب للاستيلاء على أراضي وأموال الأوقاف، وإنما أيضا من خلال ضياع فرص حقيقية لاستغلال تلك الثروة الهائلة وتحويلها إلى مورد حقيقي يخدم الاقتصاد الوطني.

وتبلغ قيمة استثمارات هيئة الأوقاف المصرية – بحسب بيانات رسمية- 500 مليار جنيه تتنوع ما بين إيجار أراض زراعية وأراض فضاء، تبلغ مساحتها وفق آخر حصر، 170 ألف فدان في 17 محافظة، ويمكن أن ترتفع قيمة تلك الاستثمارات إلى 700 مليار جنيه بعد انتهاء أعمال الحصر واسترداد إيجار الوحدات السكنية المتأخرة.

القضية الأخيرة، التي استدعت إصدار قرار من مجلس الوزراء بإعفاء رئيس هيئة الأوقاف مؤخرا من منصبه، بعد قراره المنفرد ببيع أسهم هيئة الأوقاف ببنك الإسكان والتعمير، وهو ما دفع وزير الأوقاف إلى إحالة رئيس الهيئة المقال إلى التحقيق، ربما تكشف جانبا من أسلوب إدارة أموال الأوقاف وممتلكاتها، فضلا عن جرائم الفساد والتلاعب التي تم ضبطها على مدى السنوات الماضية، حتى باتت أموال الأوقاف لدى كثيرين مرادفا لتعبير “المال السايب”.

وتتعرض ممتلكات هيئة الأوقاف للعديد من أعمال المخالفات القانونية، لا تقتصر فقط على ما يرتكبه أفراد، بل هناك جزء من تلك الممتلكات، تعد محل نزاع بين الأوقاف والإصلاح الزراعي، وتبلغ مساحة الأراضي محل النزاع، قرابة 30 ألف فدان، كما يتعرض جزء من ممتلكات الهيئة المنتشرة فى كل ربوع مصر وبعض البلدان بالخارج، لعمليات استيلاء ممنهجة على مر السنوات الماضية.

ووفقا للإحصاءات الصادرة عن الهيئة، تقدر تلك الاعتداءات بنحو 30 ألف حالة تعدٍ، سواء كانت أراضى زراعية أو عقارات، غير أن الأزمة الكبرى التى تواجهها الهيئة، تتمثل في غياب وجود حصر شامل لممتلكات الهيئة على مستوى الجمهورية.

والحقيقة أن ممتلكات الأوقاف المنتشرة في كل المحافظات تعد ثروة هائلة لا تقدر بثمن، فهي تضم تراكما ضخما للأراضي والعقارات، وبعضها عريق وقديم يعود إلى مئات السنين، وفي مواقع شديدة التميز في قلب المدن الكبرى، لكن تلك الثروة الهائلة تدار – للأسف الشديد- بأسلوب بيروقراطي لا يتناسب وحجم وقيمة تلك الثروة.

ورغم عشرات وربما مئات الدراسات التي تتناول طرقا متنوعة لاستثمار الأوقاف، إلا أن نتائج تلك الدراسات لم تستطع أن تشكل اختراقا يذكر في جدار البيروقراطية المتراكم منذ تأسيس ديوان الأوقاف، في عهد محمد علي باشا عام 1835، وصولا إلى تأسيس هيئة الأوقاف الحالية عام ١٩٧١.

وبقدر ما تحتاج أموال الأوقاف إلى قواعد رقابية صارمة، وأدوات فعالة لمواجهة عمليات التلاعب التي باتت تقوم بها عصابات مؤسسية محترفة، لها أذرعها الممتدة في الجهاز الإداري للدولة، فإن الأوقاف بحاجة أكبر لتطوير منظومة العمل بالهيئة وإلى فكر جديد فى إدارة الممتلكات بعيد عن فكر الموظفين، يقوم هذا الفكر على قواعد علمية اقتصادية وإدارية فعالة، تستلهم كثيرا من التجارب الناجحة في إدارة وتنمية الوقف، لكي تتحول ممتلكات الأوقاف من “مال سايب” إلى رافد حقيقي لإثراء الاقتصاد الوطني وتنميته.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79672386
تصميم وتطوير