كتب_عبير محمود
“الحياة جميلة كلما دفعت نفسك للنجاح في تحقيق أهدافك وأحلامك فكلما آمنت بإمكانياتك وكيفية توظيفها سارت الحياة في منتهي السعادة” كلمات محفوظة كلما مررنا عليها بدت وكأن شيئاً ينقصها، يرسمونها كورقة شجر أزهرت في الربيع ولم يزورها الخريف قط.
لكن الواقع يبدو أسوأ، فلا يوجد شخص ناجحاً طوال الوقت، هناك دائما بعض العقبات التي نمر بها رغماً عنا، الكثير من الأشياء تذهب إلي مرحلة التعقيد ثم يتفاقم الوضع ليصبح أكثر تعقيداً وضراوة، فتشعر أن العالم كله تكاتف ليسحب البساط من أسفل قدميك حتي تجد نفسك معلقاً في الهواء خائفاً من السقوط علي عنقك فتموت.
ثم يتزايد الوضع في التشابك أكثر لتكتشف أنك مكبلاً من يديك وقدميك تحاول التخلص من كل التعقيدات والأربطة لتفاجئ أن هناك ما يلتف حول عنقك بعناية في حين أنك ستكون أول المساهمين في شنق نفسك إذا أصدرت أي حركة جديدة .
هنا يظل أمامك خياران فقط:
الأول أن تتخلي عن المحاولة تماما وتقرر العيش هكذا بدون أن تحدث تأثيراً وتظل جامداً بلا حراك في حياة صامتة مكتفياً بمشاهدة نفسك وأنت تموت بمنتهي البطء والجبن.
والخيار الثاني هو المغامرة والتحرك مهما كلف الأمر من أجل نسف كل ما يعيق انطلاقك حتي لو أدي ذلك إلي موتك وأنت تحاول .
وبالمناسبة سأستعين لك ياعزيزي بمثل جيد يليق بتلك الكلمات:
إنها “اوبرا وينفري” Oprah winfrey
الإعلامية الأشهر علي مستوي العالم، عاشت اوبرا طفولة في منتهي البؤس والمعاناة حيث ولدت بين أبوين مراهقين لا يعرفان شيئاً عن المسئولية وسرعان ما انفصلوا لتبدأ أوبرا رحلتها في الشقاء.
كثيراً ما تعرضت للسخرية في طفولتها من الآخرين نظراً لفقرها الشديد وثيابها البالية المصنوعة من أجولة البطاطس، ثم تعرضت اوبرا للاغتصاب في سن الرابعة عشر ونتج عن ذلك طفل توفي مباشرة بعد ولادته، والأكثر صعوبة حين علمت أنها وبسبب تلك الحادثة حُرمت من نعمة الانجاب للأبد فسائت حالتها النفسية ودخلت في مرحلة اكتئاب شديدة أدت بها إلي الادمان وتعاطي المواد المخدرة والهيروين لتتخلص من مشاعرها تلك او بالأحري من نفسها.
لكن والدتها لم تصمت حين شعرت بعدم السيطرة عليها وأرسلتها إلي والدها رجل الأعمال البسيط لتعيش معه، ومن هنا تغيرت حياة اوبرا وانتقلت من حياة الاستهتار إلي الصرامة التي كان يتعمدها والدها في تربيتها وتعليمها، وبرغم سوء المعيشة تعلمت وانتقلت إلي الجامعة، فحصلت علي بكالريوس الفنون المسرحية، وبإجتهادها استطاعت العمل في محطة اذاعيه ثم انتقلت للعمل التليفزيوني كأصغر مذيعة تبلغ التاسعة عشر في تاريخ محطة “Nashville” لكنها عانت من الفشل، فاتجهت لبرامج الطبخ لكن أحداً لم يقتنع بفكرتها فاستائت اكثر وبالرغم من ذلك حاولت مرات عديدة واتجهت إلي التمثيل حيث رُشح فيلمها “اللون الارجواني” من اخراج العبقري “ستيفن سبيلبيرج” علي تسع جوائز أوسكار وانهالت عليها العروض بعد ذلك،
ثم تغيرت حياة أوبرا جذرياً بعد تقديمها للبرنامج الأقوي والأكثر شهرة عالميا ً”Oprah Show” حيث حقق نجاحاً منقطع النظير بأسلوبها المتميز وحضورها اللافت فأصبحت مثلاً إعلامياً استثنائي يحتذي به وأنشأت أول شركة انتاج خاصة بها حتي حازت علي لقب أول بليونيرة سوداء في العالم، حصدت جوائز عديدة كما عملت كناقدة أدبية معروفة وصحفية متميزة، فأُختيرت ثاني أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم حسب مجلة فوريس 2005.
اليوم تمتلك “اوبرا وينفري” طائرتها الخاصة وشبكة القنوات الفضائية “OWN” الخاصة بها، ومجلتين ناجحتين، والكثير من الجوائز والنجاح .
برغم كل ما عانته “اوبرا” في حياتها إلا انه لا يمكنني وصف نجاحها إلا بالعديد من وقفات التحية التي تستحقها في كل مرة فشلت بها ولم تكف عن المحاولة والاجتياز والتصميم علي النجاح مهما حدث، إنها المثال الحي للطاقة والتاريخ المُبهر رغماً عن كل الهزائم التي عانتها، الشخصية التي أشعلت لنفسها في كل زواية مظلمة مصباح وكشفت جرحها للضوء كي تصنع منه طريقاً تعبر من خلاله للنجاح ونتعلم منه نحن.
ضع تلك الكلمات في أذنك “تزهر الحياة من قلب المعاناة” وأعلم جيداً أن “الحياة حرباً عليك خوضها بشجاعة”
والآن لك مطلق الحرية في الإختيار بين العيش في هزائمك مستسلماً والموت جباناً، أو العيش محارباً والموت شجاعاً
في النهاية كل يختار الخاتمة التي تليق به..