بقلم / د هدي الملاح
لايفوت الرئيس الأمريكي ترامب مناسبة إلا ويذكر فيها قادة دول الخليج بأنهم باقون بفضل أمريكا، كما طالب دول الخليج بدفع الأموال مقابل الحماية التي تقدمها لهم الولايات المتحدة الأمريكية , ورفع شعاره “المال مقابل الأمان ”
وهنا تذكرت ملحمة الكاتب الروائي نجيب محفوظ ” الحرافيش” فهم بالنسبة لمحفوظ الضعفاء اللذين لا حول لهم ولا قوة من عامة الشعب, ولا يستطيعون مواجهة فتوة الحارة الجبابرة المستبدين في كل مكان وزمان, وكل ما يهم هذا الفتوة الحصول علي الأموال والإتاوات من دماء الضعفاء بكل السُبل المتاحة, وعليهم الاستجابة والتسليم لمطالب الفتوة واستباحة المال والكرامة خوفا من بطشه ومن يتعداه أو يجرؤ علي الاعتراض يكون مصيره الهلاك .
فلا تزال الدول العربية تفتقر الكثير لتأمين كيانها, والاعتماد علي قواها في تحقيق الاستقلال, ولكي يكون هناك تنمية فيجب أن يكون لها حماية, وذلك لا يتحقق إلا من خلال تكامل اقتصادي مشترك بين الدول العربية في التصنيع وعلي وجه الخصوص تصنيع الأسلحة وتكوين قوة عسكرية وجيش عربي قوي, خاصة في هذه الفترة الصعبة حتي لا نفاجيء أننا ما زلنا نعيش في عصر الحرافيش ونجد من يريد أن يفرض علينا اتاوة ويمارس علينا الفتونة .
إن الأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية لا يمكن أن تزدهر إلا مع توافر عنصر الأمن, فلا تكون هناك تنمية بدون أمن, فالعلاقة بين الأمن والتنمية هي قاعدة أساسية تستند عليها كل الدول في بناء استقرارها , وبالتالي الاتجاه نحو التقدم والازدهار وزيادة فرص العمل وزيادة معدل النمو وإقامة حياة اجتماعية كريمة وبناء نهضة حضارية سليمة كل ذلك لا نستطيع تحقيقه دون حماية, لا يكون هناك تنمية دون أن تجد ما يحميها .
فإن لم تتم عملية المواءمة ما بين الأمن قبل التنمية فلن يكون لأي منا تحقيق المستقبل الذي نتمناه, ولن تستطيع أي دولة علي تنفيذ خطط استراتيجية وبرامج تنموية سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسيىة أو ثقافية .
ولو نظرنا حولنا لنري كيف فعل الاحتلال الأمريكي للعراق, والاعتداءات الاسرائيلية علي غزة وجنوب لبنان, وما جري من أحداث في سوريا, فكل ذلك تحديات تؤثر علي استقرار الدول العربية, ولا يمكن أن يكون لدينا تنمية دون الاستقرار .
وحتي نتمتع بالاستقرار السياسي والأمني, فإن الأمر يتطلب منا تضافر الجهود وتحقيق تكامل اقتصادي مشترك بين الدول العربية حتي نستطيع أن نواجه التحديات الاقتصادية والتكتلات الاقتصادية المتجددة باستمرار ونشعر بالأمن والطمآنينة من أي خطر يهدد الكيان الاقتصادي والاجتماعي والانساني,وتكون من أولوياتها انشاء هيئة عربية للتصنيع الحربي مرتكزة علي التفكير الأمني الحديث والأساليب الحديثة المتطورة لتوسيع التصور المعهود الضيق للأمن من بُعده العسكري ليشمل مجموعة أوسع من التهديدات المحتملة بما في ذلك التهديدات الاقتصادية والبيئية, والتركيز علي تصنيع معدات وأسلحة جديدة, مع تطوير الأسلحة والطائرات القديمة لحماية التنمية ومواجهة أي خطر حتي لا نشاهد ما ما شاهدناه من فتونة وبلطجة أمريكا ودول الغرب علينا وكأننا نعيش في عصر الحرافيش ومن يحب أن يعيش فعليه دفع الإتاوة للفتوة .