في ذكرى ميلاد جمال عبد الناصر بتاريخ /2018/1/15 .. و بعد 57 سنة على رحيله .. لابد من اعادة دراسة وتقييم التجربة بشكل موضوعي .. وحتى يتم ذلك برأينا لابد من أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار :
١- عند دراسة و تقييم التجربة لابد من التفريق بين عبد الناصر الثورة – و عبد الناصر الدولة … في الاولى هو قائداً ثورياً ثائراً متمرداً … وفي الثانية هو أسير للاتفاقيات الدولية وأسير للوفاء بالتزام عضوية مصر ( الإقليم القاعدة ) في المنظمات الدولية ( الامم المتحدة – الجامعة العربية – منظمة الوحدة الافريقية – منظمة دول عدم الانحياز – و غيرها ). حيث يظهر في بعض المواقف تناقض بسبب عدم فهم الحالة بالتفريق بين الحالتين.
ولعل عدم فهم هذه الاشكالية .. او التفريق .. او التباين بينها .. و هو ما تسبب في العديد من الخلافات بين ( الناصريين ) .. ففي كثير من الأحيان يظهر التناقض مابين الدولة – و الثورة .. وهذا مالم يعييه بعض الناصريين و سبب العديد من الخلافات والتناقضات بينهم.
٢- ضرورة الابتعاد عن المقاييس الذاتية في اعادة دراسة و تقييم التجربة .. و اللجوء الى الدراسة والتقييم الموضوعية وفق المقاييس و المعايير العلمية البعيدة عن الاهواء والبعيدة عن الحسابات السياسية الضيقة للبعض ؟
٣- التأكيد على انه لا يمكن موضوعياً عند دراسة و تقييم التجربة .. ( استنساخها ) لأنها كانت وليدة واقع موضوعي تاريخي لا يمكن تكراره.
٤- ( جمال عبد الناصر ) هو قائد شعب ومعلم أمة .. و هو القائد المخلص لهذا الشعب و لهذه الأمة كرس كل حياته حتى آخر لحظة فيها لخدمة شعبه … فكان مثلاً اعلى لكل. الثوريين العرب .. و غير العرب أيضاً … ولكنه في الأخير هو بشر .. يصيب و يخطئ .. ومارس في تجربته منهاج التجربة و الخطأ ..ان اضفاء صفة ( العصمة ) او ( التقديس ) على اقواله او افعاله من بعض من ينتسبون اليه هو خطأ كبير .. و قد سبب و يسبب الكثير من الخلافات خصوصاً وان ( هؤلاء ) المنتسبون يحملون الختم الذي يمهروون فيه تصنيفهم للناس .. بأن فلان ناصري .. وعلان لا … و هؤلاء هم الذين عرقلوا .. و يعرقلوا .. دراسة وتقييم التجربة حتى وصلنا الى ما نحن فيه.
٥- اي تجربة لا يمكن ان يتم دراستها و تقييمها إلا في ضوء التاريخ والجغرافيا.. اي في ضوء ظروفها و زمانها عربياً واقليمياً و دولياً .. و بالتفريق بين ما هو أساسي و جوهري .. و ماهو تكتيكي و مرحلي .. وكيفية استنباط الثوابت و التركيز عليها .. فقد تغير العالم كثيراً.
٦- في دراسة و تقييم اي تجربة لا بد من منهج علمي نعتمده .. و نستنبط النتائج الموضوعية بعيداً عن الذاتية والتعصب .. و بدون اي خوف او تردد.
٧- لقد جرت محاولات صادقة و جادة لدراسة التجربة و استنباط ثوابتها … والتي أخذت بعين الاعتبار التغيرات والتطورات والاحداث و … التي حدثت في العالم خلال عشرات السنيين الاخيرة … و التي للأسف لم تنال الاهتمام والجدية الكافية من ( الناصريين ) خصوصاً .. والقوميين عموماً .. هذا اذا لم نقل ان غالبيتهم العظمى لم يسمع بها.
– اخيراً …لقد منحنا جمال عبد الناصر حياته وفكره وكل ما يملك … وهو في ذكرى مولده لاينتظر منا مديحاً ولا تكريماً ولا تعداداً لانجازاته .. ولا خطب ولا اغاني …. لانه غني عن ذلك كله.
-انه ينتظر …ميلاد الاداة التي تناضل فكراً وعملاً من اجل اعادة الاعتبار لمشروعه النهضوي الحضاري الذي قضى العمر كله من اجله.
-و ينتظر من المؤمنين بفكره ومشروعه عملا جماعياً مؤسساتيا هدفه … ميلاد ( الحركة العربية الواحدة التي تضم ليس الناصرين و القومين فقط بل كل الوطنين المؤمنين بالمشروع النهضوي الحضاري العربي ) و التي تناضل من اجل بناء دولة العرب الديمقراطية المدنية الواحدة التي تنطبق فيها حدود الدولة على حدود الامة و بالصيغة التي يتم اختيارها بما يتناسب مع هذا العصر .. و خصوصاً في هذه المرحلة التي يمر بها كل العرب من المحيط الى الخليج بأسوء حالاتهم !!؟؟