كتبت أميرة السمان

يعتبر شهر رمضان المعظم من أهم وأقدس الأشهر في العالم الإسلامي، وعند المصريين بصفة خاصة له قدسية ومكانة خاصة، حيث يحتفل المواطنين بقدومه بطرق مختلفة ومميزة تعكس عاداتهم وتقاليدهم العريقة.

ويعد هذا الشهر الفضيل وقتًا للعبادة والتقوى، ولكن المصريين لا يقتصرون على الاحتفال بالجانب الديني فقط، بل يتميزون أيضًا بطقوس اجتماعية وثقافية تملؤها البهجة والفرح والسعادة بقدوم الضيف الخفيف.

الاستعدادات لشهر رمضان الكريم

قبل حلول الشهر الكريم بأيام، تبدأ العائلات المصرية في التحضير لهذا الشهر الكريم، حيث يتم تزيين الشوارع والميادين والمنازل والحدائق العامة بالفوانيس الرمضانية الملونة والمضيئة، والتي أصبحت رمزًا مميزًا للشهر الكريم في مصر.

ويقوم المواطنين بشراء مستلزمات رمضان من مواد غذائية خاصة وهي “الياميش” مثل: التمر، والزبيب، والقراصيا، والمشمشية، والتينية، والمكسرات، إضافة إلى الحلوى الرمضانية مثل “الكنافة” و”القطايف”، والجلاش، والبسبوسة، ومهلبية قمر الدين، إضافة إلى المشروبات مثل “التمر هندي” و”قمر الدين” والعرق السوس، والسوبيا، والعناب، والكركديه، والخشاف.

الاحتفال برؤية الهلال

في اليوم الذي يسبق بداية الشهر الكريم، تتجمع العائلات المصرية في المساجد أو في المنازل للاحتفال برؤية هلال شهر رمضان المبارك.

فرحة الرؤية

يتم الإعلان عن رؤية الهلال في وسائل الإعلام المختلفة، ويعتبر هذا الحدث من اللحظات التي تثير الفرح والبهجة والسعادة بين المواطنين، إذ يعبر المواطنين عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان المعظم من خلال إطلاق الزغاريد والأغاني الشعبية التي يحتفل بها الصغار والكبار معبرين عن فرحتهم بقدوم شهر عزيز على المواطنين.

الروحانيات والعبادة

يتميز رمضان في مصر بالاهتمام الكبير بالعبادة، حيث يقوم المسلمون بالصيام، فيه من أذان الفجر حتى أذان المغرب، وتزدحم المساجد في كل محافظات مصر بالمصلين لأداء صلاة التراويح بعد صلاة العشاء، ويحرص المواطنين على قراءة القرآن الكريم، حيث يتسابقون على ختمه عدة مرات خلال الشهر الفضيل، وفي الليل العشر الأواخر يتسابق المصريين بصلاة التهجد.

الوجبات الرمضانية

تتجسد فرحة المواطنين بالشهر الكريم أيضًا في موائد الإفطار والسحور، ففي وجبة السحور والطبق الأهم والأشهر هو الفول المدمس، إضافة إلى الأنواع المختلفة من الجبن والبطاطس ويختتم المواطنين هذه الوجبة بالزبادي.

أما وجبة الإفطار، التي تبدأ مع آذان المغرب، وانطلاق مدفع الإفطار، حيث تتميز بتنوع الأطعمة والمشروبات مثل “الطعام الرمضاني التقليدي” كـ”الفتة” و”الملوخية” و”السمبوسة”، واللحم بأنواعه المختلفة إلى جانب المشروبات الباردة التي تساعد في ترطيب الجسم بعد ساعات من الصيام.

وتعتبر الحلوى الرمضانية من العادات التي تشتهر بها مصر مثل: “الكنافة” و”القطايف” والبسبوسة، من أشهر الحلويات التي يتم تناولها خلال الشهر الكريم.

الجانب الاجتماعي

يشتهر شهر رمضان في مصر بتقوية الروابط الاجتماعية بين العائلات والجيران، حيث يتم تنظيم “موائد الرحمن” التي تقدم الطعام للفقراءو المحتاجين.

كما يتبادل المواطنين الزيارات بين العائلات والأصدقاء في المساء بعد الإفطار، ويستمتع الجميع بالأجواء الاحتفالية التي تسود البلاد.

الاحتفالات في الشوارع

في بعض الأحياء، مثل الموسكي والجمالية والعتبة إضافة إلى حي “سيدنا الإمام الحسين” في محافظة القاهرة، تُقام احتفالات خاصة بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، حيث يعرض الباعة الفوانيس بأنواعها، ويتجمع الأطفال في الشوارع لممارسة الألعاب الرمضانية التقليدية، وتستمر هذه الأجواء الاحتفالية طوال شهر رمضان المعظم.

موسم الدراما الرمضانية

يعد شهر رمضان المبارك فترة مهمة ومثالية لعرض الدراما الرمضانية التي تجمع بين الترفيه والتعليم، إذ يحرص صناع الدراما في مصر على تقديم أعمال تجمع بين المتعة والفائدة، بحيث تتماشى مع الأجواء الروحانية للشهر الكريم.

وتعتبر هذه الأعمال الدرامية المصرية من أبرز الفعاليات التي ينتظرها الكثير من المشاهدين في مصر والعالم العربي كل عام، حيث تتنوع الأعمال التي تُعرض في هذا الشهر الكريم، وتشمل مواضيع متنوعة مثل الدراما الاجتماعية، التاريخية، الكوميدية، والتراجيدية، وغيرها، إضافة إلى برامج المقالب والمسابقات الترفيهية والثقافية والاجتماعية والدينية، عبر أثير الإذاعات المحلية.

ويزداد الإنتاج بالأعمال الرمضانية واهتمام القنوات التليفزيونية بها، بحيث يتم عرض العديد من الأعمال الجديدة التي تحظى بشعبية واسعة، وبمشاهدات عالية ومنافسات كبيرة خلال الشهر المبارك.

كما أن بعض هذه الأعمال تكون محط اهتمام كبير بسبب مشاركة فنانين كبار، أو لأنها تناقش قضايا اجتماعية مهمة تهم الرأي العام المصري، أو تتناول مواضيع دينية وتاريخية.

أشهر الأعمال الرمضانية

يحتفل المصريين بشهر رمضان بالاحتفالات المختلفة على طريقتهم الخاصة حيث يقوم الناس بترديد الأغاني الشعبية والمختلفة مثل، “رمضان جانا” والتي تخطت الثمانون عاما على إنتاجها وهي بصوت الفنان الراحل محمد عبدالمطلب، و”فرحة رمضان” و”وحوي ياوحوي” و”سبحة رمضان” و”الراجل ده هيجنني” و”رمضان كريم” و”هاتوا الفوانيس”.. وغيرهم من الأغنيات التي مازالت في وجدان الشعب المصري.

ختام شهر رمضان

في نهاية شهر رمضان المعظم وتحديدا في ليلة السابع والعشرين، يحرص المواطنين على إحياء ليلة القدر، وهي الليلة التي يعتقد المسلمون أنها أكثر الليالي بركة، والتي يكثر فيها الدعاء والعبادة.

وعندما يأتي عيد الفطر المبارك، يكتمل الاحتفال بقدوم الشهر الكريم، حيث يتم أداء صلاة العيد، ويتبادل المصريين التهاني، ويحرصون على تقديم زكاة الفطر، والعدية والملابس الجديدة إضافة إلى عمل كعك العيد.

عيد الفطر

يبدأ المصريين الاحتفال بعيد الفطر المبارك في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم حيث تبدأ الأسر المصرية بعمل كعك العيد بمختلف أنواعه والبسكوت والبتي فور.

كما يحتفلوا على طريقتهم الخاصة في أول أيام العيد المبارك بالخروج إلى الجناين والحدائق العامة والمتنزهات وخاصة الرحلات النيلية.

وبالنسبة للأطباق الرئيسية فهي الأسماك المملحة كالرنجة والفسيخ والسردين المملح والملوحة، إضافة إلى الأسماك بمختلف أنواعها.

وأخيراً يظل شهر رمضان المعظم في مصر شهرًا مليئًا بالتقاليد والروحانيات والاحتفالات التي تربط الناس ببعضهم البعض، وتعيد إلى الذاكرة القيم الدينية والاجتماعية.

إن الاحتفال بقدوم هذا الشهر الكريم يعد مناسبة مهمة تشهد فيها مصر بجميع محافظات أجواء من الفرح والسرور والسعادة والمودة بين جميع المصريين.