مصطفى عماره
اثبتت الازمة الليبية ان العرب لم يستفيدوا من تجاربهم الماضية ومن دروس التاريخ فيم يكن استدعاء حلف الناتو لاسقاط النظام السابق والذي ادى في النهاية الى فوضى شاملة وتحويل ليبيا الى دولة تحكمها الميلشيات هو الخطأ الاول رغم انه ادى الى كارثة يمكن ان تؤدي الى تقسيم ليبيا وتهديد الدول المجاورة فلقد سبق ذلك العديد من التجارب بدات منذ الحرب العالمية الاولى عندما انخدع العرب بوعود الغرب بمنحهم الاستقلال اذا ثاروا على الامبراطورية العثمانية التي كان لها الولاية على الشرق في ذلك الوقت وتناسى العرب ان الامم لا تضحي لحساب امم اخرى اذا لم يحقق ذلك مصالحها وكانت النتيجة ان استبدل العرب الاحتلال التركي باحتلال غربي وكان يمكن ان يتكرر نفس هذا الخطأ عند قيام الحرب العالمية الثانية عندما اعتقد العرب ان هتلر يمكن ان يخلصهم من الاحتلال الانجلو فرنسي للمنطقة ولولا انتصار الحلفاء على المانيا لكنا استبدلنا استعمار بأخر واعتقد البعض انه بعد حصول العرب على الاستقلال وتاسيس جامعة الدول العربية كنواه لتجمع عربي مشترك يمكن ان يضع العرب على الطريق الصحيح وانشاء تجمع عربي اقتصادي وعسكري على غرار ما حدث في اوروبا بانشاء السوق العربية المشتركة وحلف الناتو إلا ان ذلك لم يحدث وانشغل العرب في الصراع فيما بينهم على الزعامة وكان طبيعيا ان ينهار العرب مع اول محنة رغم محاولاتهم اقامة تكتلات فيما بينهم كمجلس التعاون العربي ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد العربي إلا ان تلك التجمعات كانت واهية سيطرت عليها المصالح الذاتية وكانت حرب الخليج وما تلاها من احداث افضت في النهاية الى احتلال العرب كاول عاصمة عربية يتم احتلالها بعد حصول الدول العربية على استقلالها خير دليل على عمق الخلافات العربية وعدم وجود خطة تجمعهم او تصور للمستقبل ورغم مرارة التجربة والتي ادت الى نتائج وخيمة من بروز الخطر الايراني وهيمنة اسرائيل على المنطقة وبروز تيارات اسلامية متطرفة اصبحت العوبة في يد الغرب يوجهها لخدمة مصالحه إلا ان شيئ لم يتغير وكان طبيعيا ان تتكرر المأساة بشكل اكبر وكرر العرب نفس الخطيئة عندما استعانوا بحلف الناتو لاسقاط النظام الليبي السابق والسماح بالتدخل الغربي لاسقاط النظام السوري وكان طبيعيا ان يدفع العرب ثمن تلك الاخطاء وتفتت ليبيا واصبحت دولة تحكمها الميلشيات والتي اصبحت تشكل خطر داهم على دول الجوار وبدأنا نسمع عن تنظيمات اسلامية لم نكن نسمع عنها من قبل كمنظمة داعش وانصار بيت المقدس والتي اصبحت العوبة في يد الغرب يستخدمها كفزاعة جديد ضد النظم العربية لابتزازها وفي تلك اللحظات المصيرية والتي اصبح العالم العربي مهددا في وجوده فان الامر يتطلب اكثر من اي وقت مضى لنعيد ترتيب اوراقنا وانقاذ ما يمكن انقاذه ولعل هذا يتطلب عدة امور :-
· تشكيل قوة عربية مشتركة تكون قادرة على التدخل في الازمات الكبرى بدلا من الاستعانة بقوات اجنبية تعمل لتحقيق اجندات خاصة بها .
· اعادة احياء السوق العربية المشتركة كتجمع اقتصادي قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي لان الاستقلال الاقتصادي لا ينفصل عن الاستقلال السياسي .
· ان تتحول قرارات الجامعة العربية والقمم العربية الى قرارات ملزمة يتم متابعتها وتوقيع عقوبات على الدول التي لم تلتزم بها .
وبدون ذلك فان الاخطاء سوف تتكرر وسوف يصبح العالم العربي مهددا في وجوده ذاته وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .