الأربعاء الموافق 05 - فبراير - 2025م

العالم العربي وعدم الاستفادة من تجارب الماضى

العالم العربي وعدم الاستفادة من تجارب الماضى

مصطفى عماره

اثبتت الازمة الليبية ان العرب لم يستفيدوا من تجاربهم الماضية ومن دروس التاريخ فيم يكن استدعاء حلف الناتو لاسقاط النظام السابق والذي ادى في النهاية الى فوضى شاملة وتحويل ليبيا الى دولة تحكمها الميلشيات هو الخطأ الاول رغم انه ادى الى كارثة يمكن ان تؤدي الى تقسيم ليبيا وتهديد الدول المجاورة فلقد سبق ذلك العديد من التجارب بدات منذ الحرب العالمية الاولى عندما انخدع العرب بوعود الغرب بمنحهم الاستقلال اذا ثاروا على الامبراطورية العثمانية التي كان لها الولاية على الشرق في ذلك الوقت وتناسى العرب ان الامم لا تضحي لحساب امم اخرى اذا لم يحقق ذلك مصالحها وكانت النتيجة ان استبدل العرب الاحتلال التركي باحتلال غربي وكان يمكن ان يتكرر نفس هذا الخطأ عند قيام الحرب العالمية الثانية عندما اعتقد العرب ان هتلر يمكن ان يخلصهم من الاحتلال الانجلو فرنسي للمنطقة ولولا انتصار الحلفاء على المانيا لكنا استبدلنا استعمار بأخر واعتقد البعض انه بعد حصول العرب على الاستقلال وتاسيس جامعة الدول العربية كنواه لتجمع عربي مشترك يمكن ان يضع العرب على الطريق الصحيح وانشاء تجمع عربي اقتصادي وعسكري على غرار ما حدث في اوروبا بانشاء السوق العربية المشتركة وحلف الناتو إلا ان ذلك لم يحدث وانشغل العرب في الصراع فيما بينهم على الزعامة وكان طبيعيا ان ينهار العرب مع اول محنة رغم محاولاتهم اقامة تكتلات فيما بينهم كمجلس التعاون العربي ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد العربي إلا ان تلك التجمعات كانت واهية سيطرت عليها المصالح الذاتية وكانت حرب الخليج وما تلاها من احداث افضت في النهاية الى احتلال العرب كاول عاصمة عربية يتم احتلالها بعد حصول الدول العربية على استقلالها خير دليل على عمق الخلافات العربية وعدم وجود خطة تجمعهم او تصور للمستقبل ورغم مرارة التجربة والتي ادت الى نتائج وخيمة من بروز الخطر الايراني وهيمنة اسرائيل على المنطقة وبروز تيارات اسلامية متطرفة اصبحت العوبة في يد الغرب يوجهها لخدمة مصالحه إلا ان شيئ لم يتغير وكان طبيعيا ان تتكرر المأساة بشكل اكبر وكرر العرب نفس الخطيئة عندما استعانوا بحلف الناتو لاسقاط النظام الليبي السابق والسماح بالتدخل الغربي لاسقاط النظام السوري وكان طبيعيا ان يدفع العرب ثمن تلك الاخطاء وتفتت ليبيا واصبحت دولة تحكمها الميلشيات والتي اصبحت تشكل خطر داهم على دول الجوار وبدأنا نسمع عن تنظيمات اسلامية لم نكن نسمع عنها من قبل كمنظمة داعش وانصار بيت المقدس والتي اصبحت العوبة في يد الغرب يستخدمها كفزاعة جديد ضد النظم العربية لابتزازها وفي تلك اللحظات المصيرية والتي اصبح العالم العربي مهددا في وجوده فان الامر يتطلب اكثر من اي وقت مضى لنعيد ترتيب اوراقنا وانقاذ ما يمكن انقاذه ولعل هذا يتطلب عدة امور :-
·         تشكيل قوة عربية مشتركة تكون قادرة على التدخل في الازمات الكبرى بدلا من الاستعانة بقوات اجنبية تعمل لتحقيق اجندات خاصة بها .
·         اعادة احياء السوق العربية المشتركة كتجمع اقتصادي قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي لان الاستقلال الاقتصادي لا ينفصل عن الاستقلال السياسي .
·         ان تتحول قرارات الجامعة العربية والقمم العربية الى قرارات ملزمة يتم متابعتها وتوقيع عقوبات على الدول التي لم تلتزم بها .
وبدون ذلك فان الاخطاء سوف تتكرر وسوف يصبح العالم العربي مهددا في وجوده ذاته وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79607860
تصميم وتطوير