احمد عناني
مع كل حـدث يمر به وطننا الحبيب تخرج علينا نفس الآراء المظلمة التي يلازمها الترف والرفاهيـة من مواقعها المختلفـة مطالبــةً بتهجير الشيخ زويد أو ردمها رداً على تنامي العمليات الارهابية.
والذين يعتبرون التهجير هو الوسيلة الوحيدة في مواجهة الارهاب تناسوا كعادتهم أن اهالي سيناء اوتادُ في أراضيهم لا يهاجرون، فليست هذه أول مواجهة للشيخ زويد او بدو سيناء، فقد قاوموا مع باقي اخوانهم من المصريين الاحتلال الاسرائيلي، ومن يطالع سجلات المخابرات الحربية يجدها تعمر بالعديد من البطولات والتضحيات بأعمالهم الاستطلاعية والفدائية على اراضي سيناء، كما أن دعاوى الهجرة تعد ترفاً ورفاهية اذا وجهت لمن يتعايش مع حياة معدمة بدون خدمات سواء مياه او اتصالات او كهرباء او حتى انتقال آمن، ولا زال يتمسك بهذا المناخ لأنه لا يبحث عن الراحة قدر بحثه عن وطنه السيناوي الذي يعد بالنسبة له حياة لا يقوى على مفارقته.
ومن يطالبون بتهجير الشيخ زويد أو غيرها من المدن التي تقع في نطاق مواجهة جيشنا المصري الباسل مع الإرهاب يستنصلون بذلك التنمية من سيناء، ويصب هذا الرأي الذي يتعرى من الحكمة او قدر قليل من التفكير في مصلحة اعداءنا سواء كان الارهاب او إسرائيل، لا سيما وأنه من الممكن استغلال طبيعة المصري السيناوي التي جعلته وتداً لصالح الوطن، فالتنمية قد تحدث بدون المواطن السيناوي لكنها لن تستمر.
وقد اثبت الواقع اهمية وجود السيناوي على ارض سيناء، عندما أخذ مبارك طيلة عهده في إطلاق تنمية وهمية ببناء الكتل الخرسانيه رغم تتمع سيناء بمناخ جاذب ومشجع للاستثمار الزراعي، فلم يستفد المواطن منها شيئاً لأنها تصب غالباً في صالح رجال الاعمال وكبار المستثمرين، إلا أنها بفنادقها وقراها السياحية هذه فرغت من نزلائها مع اول حدث في ثورة 25 يناير باستثناء المواطن السيناوي الذي ظل وبقي في مكانه كأنه جزءاً من هذه الارض يدافع عن وجودها ووجوده عليها.
وتعد اسرائيل من اهم اسباب تشويه سمعة بدو سيناء عبر وسائل اعلامها ليبقى حال الارض على ما هي عليه، فالبدوي له دور وطني لا يقل عن دور غيره من المصريين، ففي الاحداث الاخيرة قتلت داعش الشاب البدوي محمد قويدر أحد أبناء الشيخ زويد الذي قرر عدم الانصياع لتهديدتها رافضاَ السماح لهم باعتلاء سطح منزله، لرصد قوات الأمن المصرية وضربهم، وهو ما يذكرنا قديماً بتضحية البطل الراحل الشيخ محمد أبو فريج والذي فضل التعذيب مع ربعه وقبيلته على تسليم نقطة حرس الحدود بمنطقة الدوم بنويبع للمحتل الإسرائيلي .
وبعيداً عن الاصوات التي تتعالى من الواقفين على ابواب الفضائيات أو العابثين في الصحف يدعون الى تجريد سيناء من اهلها وهم آخر شجرة تستظل بها فان مصلحة مصر تقتضي أن يبتعد عن المشهد كلمة “التهجير” وتستبدل بكلمة “التنمية” فالشيخ زويد كواحدة من المدن السيناوية البدوية جادلت وتجادل بمواطنيها كل هؤلاء عند النوازل.