قبل أن تقرأ.. لم أتشرف بلقاء الرئيس أو الجلوس معه ولو مرة واحدة مع زملاء المهنة وأبناء الكار، لا قبل ٣٠ يونيو ولا بعدها.. ليس معني ذلك أنني لم أذهب إلى صندوق الانتخاب لأمنح صوتي لرجل أراه ضحّى كثيرًا من أجل وطنه.. فلو أن أي شخص انتهازي آو باحث عن سلطة مطلقة يحكم ولا يحاسب لاستمر السيسي وزيرًا للدفاع وترك كل القوى السياسية تتناحر وتتقاتل وجميعها كان سيحج إلى مكتبه لنيل الرضا وتنفيذ أوامره، وكان السيسي سيحكم دون أن يحاسبه أحد لأنه ببساطة كان الوحيد الذي يقود الجيش، لكنها مُقامرة بمستقبل وطن وانتهازية تهدد البلاد.
لهذه الأسباب أرى أن السيسيي قدّم الكثير من حريته الشخصية، وجار كثيرًا على حقوق أسرته، لكن أبناء الجيش لا تخضع مواقفهم لحسابات شخصية ومكاسب عائلية.. السيسي قرر واختار أن يقدم نفسه قربانًا لتماسك مصر.
لم أكن يومًا منتقدًا للرئيس لأنه سنة أولى رئاسة.. في هذه الظروف العصيبة التي أوشكت مصر على عبورها انتهت على خير ولا أري فيها كثير من الشوائب.
باقي من الزمن ٣٠ يومًا علي افتتاح قناة السويس، وهناك احتفال أتوقعه مهيبًا سيعيد لمصر وجهها المشرق، لكني أتوقع رئيسًا يتخلص من الطبقة التي تفصل بينه وبين الناس.. الرئيس ورث نخبة من أهل الإعلام والثقافة أغلبها خدم كل الأنظمة التي عاش في ظلها حلمهم تربح وجمع الملايين من فساد واضح يعلمه رجال حول الرئيس، فلا يجوز الحفاظ على تلك الطبقة العازلة وعدم الاقتراب منها لأنها تستخدم آليات ووسائل نجحت مع نظام سابق أو أسبق ..”هجوم محسوب ثم جمع الغنائم “ كانت الأنظمة السابقة سعيدة بهذه النخبة العازلة التي ظلت تتوسع وتتضخم حتى عزلت الرئيس عن الشعب، بُحلّق الرئيس وحده، وغاص الشعب وحده، وتوسعت مساحة الطبقة العازلة بين الحاكم والشعب لصالح انتهازيون وحملة “مباخر”.
سيدي الرئيس أنا أثق أن لديك صورة واضحة ومعلومات كاملة الآن.. أتمنى منك ألا تسمح بتمدد الطبقة العازلة “النخبة القديمة”، لتفصل بينك وبين شعب أحبتك وقدر لك تضحيتك الشخصية.. شعب كان يخشى أن تكون تحليلات الطبقة العازلة صحيحة بأنك لن تتحرك لنصرة الملايين في ٣٠ يونيو فكنت عند حسن ظن وطنك بك، فتقدمت الصفوف وإلي جوارك كل ممثلي طوائف الشعب في مشهد قريب مما حدث في ثورة ١٩١٩.
السيسي الذي لم يخذل الفقراء وأصر على تقديم خدمات جديدة للطبقات الأكثر احتياجًا.. السيسي الذي انحاز لمن أحبوه.. صحيح أن هناك مشوار طويل للقضاء على العوز والحاجة، لكنك خطوت أولى خطواته بمشروعات تضامن وتكافل والبطاقات التموينية التي بدأ استخدامها في عدد من محافظات الصعيد للحصول علي خدمات التأمين الصحي في المستشفيات.
سيدي الرئيس لعل أعظم ما حدث هو حفاظك على وطن كانت تتلاطمه الأمواج في بحر سحيق من المؤمرات.. ومن وجهة نظري أن أبرز ما تم هو شفاء ٩٠ ألف مصري كانوا على طريق الموت بأمر فيروس سي.
نعم هناك خلل كبير في إعلام الدولة، ولكن الأخطر هو حالة الإعلام الخاص وأبطاله الذين أتصورهم في الغالب أبطال من ورق، والجميع يتسابق إلى اصطناع البطولة استجابة لأمراض نفسية جراء الشهرة، فهو يتنقد حتي يصل إليك ويصارع حتي ينال مغنمًا، وفي النهاية كلاهما ليس لوجه الوطن.
سيدي الرئيس ما أتمناه هو أن نرى إعلامًا حرًا تدشنه في اليوم التالي لافتتاح القناه.. إعلام يخدم الشعب ويرعى مصالحه.. إعلام لا يزيف واقعًا فأنت لن تقبل العيش فيه.
الفرصة الكبرى هي يوم ٧ أغسطس، ومع مرور أول سفينة في قناة السويس الجديدة أتمنى أن تدشن معها سياسة جديدة لتفكيك طبقة عازلة انتهازية، طالها الفساد ونخر في عقلها وباتت عندها الخيانة وجهة نظر والرشوة بأنواعها مهارة وإبداع.
السيسي الذي انتصر للوطن وللدين وللشعب في ٣٠ يونيو لا أظنه سيتردد في بناء إعلام حر يقوده جيل جديد من الشباب الذين لا يقلون وطنية عن أبطال الجيش يوم الأربعاء الماضي.
يعلم الله أنني لا أكتب هذا طمعًا في منصب فأنا أكرهها.. ولا حالمًا بذهب المعز فأنا قانع بما منحه لي ربي.
السيسي “٧ أغسطس”.. بقلم | جمال الشناوى
![](https://www.elbyan.com/wp-content/uploads/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A-225x300.jpg)