الجمعة الموافق 07 - فبراير - 2025م

الدكتور رضا عبد السلام يكتب: شأراوي مات!!!

الدكتور رضا عبد السلام يكتب: شأراوي مات!!!

في عام ١٩٩٨، وفي فجر أحد الأيام، وأنا أغط في نوم عميق في غرفتي في سكن الجامعة البريطانية التي كنت أدرس فيها، إذا بباب الغرفة يدق، وكاد ينخلع من قوة الدق عليه!

استيقظت مفزوعا، وجدت يدي فجأة على مقبض الباب، لأنني لم أتوقع إلا كارثة، فالدق على الباب بهذا الشكل أمر غير معتاد في الغرب وأوروبا تحديدا!

فتحت الباب، فإذا بصديق لي، يقيم في غرفة قريبة، هو من جزر المالديف واسمه حميد، وجدته يجهش بالبكاء…وكان في عقده الأربعين…أدخلته سريعا، لأنني أيقنت تماما أن هناك كارثة حلت به وبأهله في جزر المالديف!!!!!!

قلت له خيرا حميد….هديء من نفسك…نطق كلمتين فقط…”شأراوي مات”…قلت له ماذا؟! قال “إمام شأراوي مات” قاصدا فضيلة الإمام محمد متولي الشعراوي رحمة الله عليه…لا أعتقد أنه كان سيبكى بهذا الحزن لو كان المتوفى أحد أفراد أسرته!

بالقطع، نزل الكلام كالصاعقة على رأسي، فبكيت حزنا، وأبكاني بكاء صديقي المالديفي…بعدها بدقائق، قلت له لما كل هذا التأثر بالشيخ الشعراوي؟! كيف عرفت به؟!

نظر لي متعجبا من سؤالي، وقال: عندنا في جزر المالديف، يتم يوميا (يوميا) بث حلقة كاملة لفضيلة الإمام شأرواوي…من خلاله عرفنا صحيح الدين واللغة العربية وأحببنا مصر الأزهر!!!!!

أكتب هذه الكلمات فقط للتذكرة، وللفت النظر لكل من تسول له نفسه الاقتراب من الرموز والنماذج المضيئة…

بالقطع الإمام الشعرواي ومن هم في مستواه الفكري ليسوا معصومين، وفكرهم يخضع للتأصيل والتحليل العلمي المتخصص، ولكن شتان بين التحليل العلمي والهدم!

فالإمام الشعراوي ليس نموذجا عاديا، بل هو إمام مجدد، نزل بالدين وبقواعده للمواطن العادي، ورفع اسم مصر الوطن ومصر الأزهر عاليا خفاقا.

قطعا، كل إنسان له ماله وعليه ما عليه، وماللإمام الشعراوي كثير وغزير وشاهد، وباقي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وهنا أعجب من أولئك ليس لهم من هم، بل شغلهم الشاغل هو هدم الرموز او النيل منهم أو التقليل من شأنهم أو من مساهماتهم…

لدينا مثل مصري يقول “إللي مالوش كبير بيشتري له كبير”!! فهؤلاء الهدامين للرموز يذكروننا بالشيعة، الذين يتطاولون على خيرة صحابة رسول الله، من أمثال الصديق والفاروق!! من وماذا بقي لنا لنفخر ونقتدي به إذا هدم هؤلاء؟! إنه الجهل أعزكم الله.

والإمام الشعراوي هو من الرموز الإسلامية والوطنية المعدودة، التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه…وأمة بلا رموز هي أمة هشة واهنة وواهية وزائلة..نعم.

فرفقا بالرموز والنماذج المضيئة في كافة الميادين الإبداعية والبناءة، وبدلا من النيل منهم أو الحط من قدرهم، علينا ان نقدمهم (في الاعلام والمدارس والجامعات…الخ) لشبابنا وأطفالنا ليكونوا لهم قدوة ونبراسا…فإن لم يكن نموذجا كالشعراوي قدوة لشبابنا فمن يكون؟! دمتم بألف خير.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79652740
تصميم وتطوير