وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا…هزي؟! كيف؟!
في الوقت الذي يحتفل فيه إخوتنا وأشقائنا المسيحيين بعيد مولد المسيح عليه السلام، استوقفتني هذه الآية العظيمة من سورة مريم وآيات أخرى من سورة آل عمران.
فارق كبير يا سادة بين التوكل والتواكل…نعم…كثيرا ما قرأنا هذه الآية، ولكن قليلا ما تفكرنا في حكمتها ومغزاها…فالآية تخاطب “أما ضعيفة واهنة” في لحظات او قبل او بعد الولادة، وتطالبها بأن “تهز أو تحرك جذع نخلة”!!! جميعنا نتابع فتياتنا وبناتنا في لحظات الولادة وكيف أن العائلة بالكامل والأقارب وأقارب الأقارب…الكل يلتف حولها والأطباء والمياه الساخنة…لأن بنتنا بتولد!!
انظر إلى ابنة عمران “العذراء مريم” أم المسيح، التي كانت “كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال أنى لك هذا قالت هو من عند الله”…كيف يطلب منها الله، وهي في قمة الوهن (المخاض والولادة)، أن تهز جزع النخلة؟!!! المولى الذي رزقها بالمسيح وهي عذراء وكان يرزقها في المحراب بالخير، كان أولى ألا يكلفها ببذل أي جهد لكي تأكل وهي في عزلتها ووهنها!!! توقفت كثيرا مع تلك الكلمة “وهزي إليك بجذع النخلة”…فما أعظمك يا الله…من منا يستطيع تحريك نخلة او جذع نخلة لتسقط التمر أو الرطب؟! فما بالنا بضعيفة في أشد لحظات الضعف…
ورغم ذلك ناداها الله ودعاها لأن تحرك الجذع، وهو القادر على أن يغذيها ويطعمها ويكفيها!!! هذا هو التوكل…هذا هو الأخذ بالأسباب…هذه هي الدعوة للعمل…خذ بالأسباب، وتوكل اي اجتهد قدر استطاعتك وثق تماما بأن الله سيغنيك ويكفيك ويعطيك.
اذا…ديننا العظيم هو دين توكل لا تواكل، دين عطاء لا أخذ، دين إنتاج وعمل وسعي…فأين أمتنا من قيمة التوكل والعمل والأخذ بالأسباب؟!