Site icon جريدة البيان

الباحث والكاتب الإسلامى:أحمد فضل يكتب أسباب القلق والاكتئاب، وعلاجهما.. ( الجزء الثانى )

أحمد فضل

أحمد فضل

بقلم/أحمد فضل

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين، ورحمة الله للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد.
ذكرنا فى الجزء الاول: ان من اهم ما يذهب القلق، والهم والغم، هو حسن الإيمان بالله عز وجل، وكذلك حسن التوكل على الله تبارك وتعالى، وحسن الظن بالله عز وجل، والفهم الجيد للغاية التى من اجلها اوجدنا الله عز ..
ونكمل من حيث انتهينا فى الجزء الاول.
فحسن التوكل على الله عز وجل؛ يطمئن الانسان ان له ربا قادرا على كل شئ، يقضى له الحاجات، وييسر له الامور ويصلح له شأنه كله.. فالتوكل هو صدق اعتماد القلب على الله تعالى، فى استجلاب المصالح ودفع المضار من امور الدنيا والاخرة، وهو الثقة بما عند الله واليأس عما فى ايدى الناس، فليس التوكل مجرد كلمة تقال، بل التوكل هو ان تحسن اللجوء الى ربك مقدرا المولى حق قدره، فهو المعين وهو المهيمن وهو مالك الملك، فكيف يحزن قلب عبد أحسن اللجوء الى الله وتوكل على الله حق التوكل فمن يتوكل على الله فهو حسبه، قلت قبل ذلك، ان القلق سببه الخوف والهلع الذى يتفاقم لدرجة ان يجلب الامراض والعياذ بالله، ولكن تذكر معى موقف مطاردة كفار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابى بكر رضوان الله عليه، لما وقف كفار قريش أمام الغار وليس بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا ان يمد أحدهم يده بالغار حتى احتبست أنفاس أبى بكر قائلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. يا رسول الله لو نظر احدهم تحت قدميه لرءانا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمئنه، ويعلم الامة جمعاء كيفية التوكل على الله عز وجل فبعد ان اتخذ رسول الله كل الاحتياطات الازمة للهجرة وصل كفار قريش الى الغار ورسول الله وصاحبه داخل الغار هنا لابد ان يثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عنده من قوة ايمان بالله وحسن توكل على الله عز وجل فما خاف رسول الله وما هلع لكن قال لصاحبه (لا تحزن إن الله معنا )
هذا الذى نؤكد عليه ان صدق التوكل على الله يذهب الهم والغم والخوف

ثالثا حسن الظن بالله
إن مما يطمئن النفس ويشرح الصدر ويذهب الهم والقلق ايضا حس الظن بالله ويعتبر حسن الظن بالله هو ثمرة الإيمان بالله وحسن التوكل عليه ومعنى حسن الظن بالله أن تأمل من الله ما تطلبه منه فتظن بأن الله سيرحمك ويعفو عنك ويفرج همك ويذهب حزنك وسيكشف عنك كل كربة وسيوسع عليك كل ضيق الم بك وإذا نزلت بك شدة تظن ان الله سيدفع عنك ما نزل بك
واعلم اخى يرحمك الله ان عطاء الله ونصره ونعمائه تكون على قدر ظنك به فحسن الظن بالله عباده تؤتى ثمارها فى الحال بالطمأنية والراحة وكذلك تتوج بتأييد الله ومدده وعونه لكل من احسن الظن بخالقه تبارك وتعالى فيكفيك ان تتدبر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال فيه قال الله عز وجل ( أنا عند ظن عبدى بى فليظن بى ما شاء ) وفى رواية ( انا عند ظن عبدى بى إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله ) وهذا مدعاه الا يتوقف حسن ظنك بالله فإن مرضت فظن ان الله سيشفيك وتفائل لا تجعل اليأس يتسلل لقلبك وان تعثرت ماديا فظن ان الله سيعطيك ويوسع عليك ويغنيك من فضله الواسع وظن بالله الخير وتفائل مهما كان الامر فربك سيذهب عنك كل مكروه ان احسنت الظن به
هاهو نبى الله يعقوب فقد ابنه يوسف واخاه وذهب ولده الاكبر ولم يرجع وعلى الرغم من كل ذلك يقول لأبناءه ( يابنى إذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) وفى نهاية الأمر لم يخب حسن ظنه بربه فرد الله عليه أولاده وهم على أكمل حال
وهاهو نبى الله موسى يتبعه فرعون وجنوده ويفقد موسى عليه السلام الاسباب المادية فى النجاة وظن اصحابه انهم حتما سيهلكون ولكن يبقى حسن الظن بالله مطمئنا لقلب نبى الله موسى رغم ما ما كان به قال الله عز وجل ( فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معى ربى سيهدين ) انظر الى سرعة نصر الله وعونه لنبيه موسى لحسن ظنه بالله قال الله عز وجل ( فأوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وازلفنا ثم الاخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الاخرين * إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ) ولعظيم الاجر من الله عز وجل على حسن الظن به يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل ) …
ولنعلم أن من أفضل الأشياء التى تذهب الهم والقلق، بل وتعالج الاكتئاب والامراض النفسية هو المحافظة على الصلاة والمداومة على قراءة القرآن وذكر الله عز وجل فقد قال تعالى:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ*)) فالصلاة تريح القلب وتذهب الهم عن النفس وتطارد الاكتئاب، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال(( أرحنا بها يا بلال)) اى أرحنا بالصلاة يا بلال وكانت قرة عينه ومصدر إدخال السعادة والبهجة إلى قلبه، كذلك مما يذهب القلق والحزن والهم أيضا: الإكثار من ذكر الله عز وجل.. فذكر الله سبحانه وتعالى يجعل المرء مطمئنا بقربه من مولاه، وقد قال تعالى:(( فاذكرونى أذكركم)) فذكر الله تعالى.. جنة الله فى ارضه التى دخلها وعاش فيها الذاكرون الله كثيرا والذاكرات، ويدلل على ذلك قول ابن تيمية لما عاش فى جنة الدنيا بذكر الله عز وجل والقرب من الله والأنس بالله.. فقال.. إن فى الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الأخرة.. فجنة الدنيا هي الإيمان بالله والإقبال عليه ومحبته والرضا بقدره، وغير ذلك من شعب الإيمان، وهذا هو مقصود ابن تيمية -رحمه الله- من هذه الجملة.
قال ابن القيم في الوابل الصيب: والإقبال على الله تعالى، والإنابة إليه، والرضا به وعنه، وامتلاء القلب من محبته واللهج بذكره، والفرح والسرور بمعرفته ثواب عاجل، وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.
فقدر الإقبال على الله والإكثار من الذكر يطمئن القلب وترتاح النفس، فكفى بالذاكرين اجرا وفخرا أن يذكرهم الله عز وجل فقد قال الله عز وجل فى الحديث القدسي((أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه إذا ذكرنى.. فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه…. الحديث)) فذكر الله يجعل العبد فى معية الله تعالى.
كذلك مما يذهب الهم والخوف والقلق هو الثقة فى قدرة الله على تغيير الأحوال، مع الإيمان ان ما قدره الله هو الخير حتما لا محالة، والثقة فى تيسير الله وان فتح الله قريب فهو تعالى الذى قال:(( فإن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسرا)) فثق بأن الله سيكشف الكرب، واعلم ان مع العسر يسرا، وان الفرج مع الكرب، وانه لا يدوم الحال، وأن الأيام دول، وتفائل ولا تقنط ولا تيأس، وأحسن الظن بربك، وانتظر منه كل خير وجميل.
يا صاحب الهم إن الهم منفرج.. أبشر بخير فإن الكافى الله.
إذا بليت فثق بالله وارض به.. إن الذى يكشف البلوى هو الله.
الله يحدث بعد العسر ميسرة.. لا تجزعن فإن الفارج الله.
اليأس يقطع أحيانا بصاحبه.. لا تيأسن فإن الصانع الله.
والله مالك غير الله من أحد.. فحسبك الله فى كل لك الله.
أسال الله تعالى ان يشرح صدورنا، وييسر أمورنا، ويفرج همومنا، ويصلح أحوالنا.. اللهم آمين.

 

 

 

 

Exit mobile version