البيان
بعد تراجع شعبية جماعة الإخوان المسلمين داخل ليبيا وتلقيها عدة ضربات وخسائر أدت إلى انقسامها، إضافة إلى انكشاف خططها وارتباطاتها بالتنظيمات
المتطرفة والإرهابية، أصبحت تواجه خطر أن يتم إقصائها نهائياً من المشهد السياسي في ليبيا، مما دفعهم لاستخدام بلطجة ميليشياتهم المسيطرة على العاصمة
الليبية طرابلس وعدد من مناطق الغرب الليبي للضغط على حكومة الوحدة الوطنية الجديدة.
لم يعد يخفى على أحدٍ بأن الإخوان كانوا سبباً في إطالة أمد الأزمة في ليبيا، ومنذ استلامهم الحكم في عهد حكومة الوفاق الوطني وهم ينشؤون الأجهزة الأمنية ويشكلون الفصائل المسلحة ويضفون طابع الشرعية عليها، التي بدورها فرضت واقعاً مريراً على سكان طرابلس ومناطق غرب ليبيا على مدار السنوات الأخيرة، إلى أن استلمت حكومة الوحدة مهامها لتوحيد البلاد وانشاء جيش موحد والتمهيد للاستحقاقات الإنتخابية.
لم يهنئ الليبيون طويلاً بانتخاب الحكومة الجديدة واستعادة الإستقرار في العاصمة وغيرها من المدن وإنهاء سطوة الميليشيات وتعدياتهم، إلى أن تكشفت مؤامرة خفية لجماعة الإخوان هدفها عرقلة المسار السياسي بكافة الطرق، حيث تحاول منذ فترة افتعال الأزمات لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة نهاية العام بأي شكل، فبعد فشلها بالضغط على أن يتم التصويت على الدستور أولا، افتعلت أزمة وزير الدفاع لتعطيل المسيرة السياسية، حتى لا تصل إلى النقطة التي تخرجها من المشهد السياسي، وبنفس الوقت تحاول اللعب بالورقة الأخيرة التي تمتلكها قبل أن تفقد أذرعها التي تبطش بها، وهي المرتزقة والميليشيات والفوضى والفرقة بين القوات والمؤسسات الليبية.
وأصبح تواجد الحكومة والسلطة التنفيذية في طرابلس يثير مخاوف مجلس النواب من احتمال أن تؤثر الفصائل المسلحة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين على قرارات الحكومة وتحركاتها، مما سيؤدي إلى الخروج عن خارطة الطريق، وبالتالي نسف الأهداف التي وضعت في ملتقى الحوار الوطني للوصول إلى حل سلمي للأزمة في ليبيا. وهذا مايفسره رفض المجلس مرتين إقرار الميزانية، والتي اعتبرها ضخمة بالنسبة لحكومة انتقالية مؤقتة، الأمر الذي أكده قلق رئيس المجلس، المستشار عقيلة صالح من ممارسات الميليشيات المسلحة والتي صُنف معظمها على أنها إرهابية من قبل منظمات دولية، وجعله يقترح نقل مقرات السلطة التنفيذية إلى سرت، وهو مايراه المحللون السياسيون الحل الأمثل لعدم تكرار سيناريو “الصخيرات” وحكومة الوفاق الوطني السابقة، وذلك لأن سرت تحظى بتأمين الجيش الوطني الليبي، وهي المقر الدائم للجنة العسكرية المشتركة “5+5″، كما استضافت جلسة مجلس النواب لمنح الثقة للسلطة الجديدة. كما أشاروا إلى أنه لم يعد هناك مبرر لاستمرار المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية في أداء مهامهم من طرابلس، بعدما صارا هدفا للميليشيات والمجموعات المسلحة، التي تخضع لأجندات أجنبية، وحصار المجلس الرئاسي كشف عن تنسيق واضح بين الميليشيات ومخابرات إحدى الدول، لأنه جاء بعد أيام قليلة من مطالبة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بانسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وهو ما أزعج المجموعات المسلحة.
الجدير بالذكر أن العشرات من السيارات المسلحة التابعة للميليشيات في الغرب الليبي حاصرت فندق كورنثيا في العاصمة طرابلس، مقر إقامة رئيس “الرئاسي” محمد المنفي، وذلك بعد ساعات قليلة من اجتماع لقادة الميليشيات وأمراء المجموعات المسلحة التي شغلت مواقع قيادية بتكليف إبان حكومة فائز السراج، والذي أبدوا خلاله رفضهم لقرار الرئاسي تعيين حسين العائب رئيسا لجهاز المخابرات بدلاً من عماد الطرابلسي، وتوعدوا بحصار مقر “الرئاسي” ووزارتي الداخلية والخارجية، للضغط من أجل التراجع عن الإطاحة بالطرابلسي، وإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.
أجمع مراقبون ومحللون ليبيون على أن إعلان تنظيم الإخوان في بلادهم عن تغيير اسمه وهويته وانتقاله إلى جمعية تحت اسم “الإحياء والتجديد” هو “مناورة إخوانية” الهدف منها تجديد نفسه، وذلك استعدادا لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة المزمع إجراؤها في شهر ديسمبر المقبل. إذا ما فشلت بالضغط على الحكومة وعرقلتها، ولكنها باتت منبوذة سياسياً واجتماعياً في ليبيا، وسقوطها وخسارتها حتمية، وانتقال الحكومة إلى مدينة سرت، سيكون صفعة لمخططاتهم واستكمالاً للعملية السياسية بدونهم.
التعليقات