بقلم : أمير أحمد عبدالله
جف النهر و كل مواطن يبحث عن رشفة ماء ، وصار المجرى طريقا للسيارات الفارهة ، وانتشرت الأمراض والأوبئة ، ولم تعد الأشجار والنباتات تثمر، وذبلت الزهور ولم تعد تزهر ،
تلك الصورة لم تترك ذهنى إلا وزادت تعقيدا كل يوم لتكرارها في دول كثيرة، أبرزها الصومال وكينيا عندما قامت أثيوبيا في العقد الأخير من القرن الماضي ببناء مجموعة من السدود على نهر شبيلي بحجة توليد الطاقة ،
وحرمت الصومال من مياه هذا النهر وجفت أراضيه وأصبح شبيلي بحيرة أثيوبية، وانتهى الأمر بصور كنا نشاهدها جميعا لأبناء القرن الأفريقي دون أن يتحرك أحد من المجتمع الدولي لإنقاذ حقوق الإنسان في الصومال .
ليست تلك الصورة هى الوحيدة الدالة على الإجرام الإثيوبي بحق جيرانها ، ففي كينيا قاموا أيضاُ ببناء مجموعة من السدود على نهر أومو مما أدى إلى منع التدفقات المائية إلى بحيرة توركانا الكينية بحجة توليد الطاقة أيضاً ،
مما أدي إلى تكرار الصورة الصومالية هناك في كينيا، وتحول نهر أومو إلى بحيرة إثيوبية دون أن يتحرك ساكن ضد أثيوبيا مما تسبب فى انهيار الاقتصاد الكيني ومنع بعض الزراعات الكينية، وأغلقت المصانع هناك واتجهت إلى أثيوبيا .
واليوم تحاول اثيوبيا تكرار ما حدث فى أومو وشبيلي على نهر النيل باعتراف مسبق على لسان متحدث وزير خارجيتها دينا مفتي عندما أعلن أن النيل يوماً ما سيصبح بحيرة أثيوبية وتعطيش الشجر والبشر،
كما حدث مع الصومال وكينيا بالهيمنة على النيل والتحكم فى الدول لغرض سياسى تطمح له الحبشة ولكن تاتى الرياح بما لا تشتهى السفن ، فمصر والسودان ليس كالصومال وكينيا اللذان صمتوا على حقوقهم الى ان تحكمت الحبشة فى مقدراتهم .
منع مياه النيل
ورغم ذلك لم تكن فكرة منع مياه النيل عن دولتي المصب حديثة العهد بل كان هناك محاولات أخري سابقة ، الأولى منذ 500 عام وكانت بمساعدة البرتغال التى حاولت تعطيش مصر إبان حكم السلطان المملوكي قنصوة الغوري لخنق مصر اقتصاديا وتوجية الضربة القاضية لاقتصاد المماليك لكن باءت تلك المحاولة بالفشل .
والمحاولة الثانية عندما حاول ملك فرنسا لويس الرابع عشر تحويل مجرى النيل إلى البحر الأحمر وذلك بعد الاتفاق مع ملك الحبشة ، لكن فشلت تلك المحاولة بعد حرب طاحنة انهت بهزيمة أصحاب الفيل .
وتجددت تلك المحاولة مرة أخرى في عهد الخديوي سعيد والخديوي اسماعيل إبان حكم الدولة العثمانية وذلك بعد حروب طاحنة مع أصحاب الفيل في بلاد الحبشة ،
ولم تكن هناك لغة تسمى لغة المفاوضات وانما كانت رصاصات الحرب هي من تتكلم مع الأحباش وانتصرت مصر في النهاية بعد عدة اشتباكات .
أما الرابعة كانت عندما فكر الإيطاليون في ثلاثينيات القرن الماضي أثناء احتلالهم للحبشة بتحويل مجرى النيل إلى البحر الأحمر عبر عدة مشروعات لشق الجبال لكن كان للطبيعة رأى أخر مما جعل مؤامرتهم مستحيلة .
واليوم تسعى أثيوبيا لإكمال سد الظلام على مرأى ومسمع من الجميع وسط مساندات دولية تطالب باستكمال مسار التفاوض للوصول إلى اتفاق ملزم دون اللجوء لحرب وسط تعنت اثيوبي دائم لفرض سياسة الأمر الواقع على مصر والسودان .
مفاوضات بائسة
وعلى الرغم من المفاوضات التي ينتظرها المجتمع الدولي قرييا برعاية الرباعية الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي والولايات المتحدة ستنتهي في النهاية بالفشل ، بسبب التعنت الاثيوبي وتعنت الطرف الثالث الذي يقف خلف أثيوبيا .
العودة لأفريقيا
ثمان سنوات مرت ومصر تحاول العودة لأشقائها في القارة السمراء من جديد عبر اتفاقيات تعاون ودفاع أمني مشترك ، وهذا ما تحقق بالفعل في الدول المجاورة لأثيوبيا كان أخرها جيبوتي وإريتريا وجنوب السودان،
والصومال كجزء من خطة غير معلنة لتطويق أديس أبابا اقتصاديا وربما عسكريا في المستقبل القريب خاصة وأن مصر لا يمكن أن تستمر فى مفاوضات لا نهائية تتسم بالتعنت والاستفزاز .
الصرع الاثيوبي على الطاقة
ليس غريبا أن نسميه صرعاً فهو كذلك في الحقيقة ، فإثيوبيا رغم فقرها ومشاكلها، فهي دولة لم تعرف السلام وتأذي منها كل دول الجوار، فالمتتبع لما يحدث في أرض الحبشة هو إجرام في حق الطبيعة ،
حيث يقوم الأحباش بزراعة المحاصيل المستهلكة للمياه حول بحيرات السدود كالقصب والذرة ، ليس لإطعام الاثيوبيين وانما لإنتاج مشتقات الوقود الحيوي البيوفيول لإنتاج الكهرباء من الذرة والسكر !!
ليس هذا فقط بل تقوم أثيوبيا بضخ مليارات الامتار من مياه النيل للصدع الإفريقي لإنتاج طاقة جيوثيرمال عبر انابيب تصل إلى عمق 2500 متر تحت سطح الأرض مما يؤدي إلى تبخر المياه نتيجة حرارة باطن الأرض وتوليد الكهرباء عبر التوربينات ،
ليبقى السؤال هل إهدار مليارات الامتار من المياه التى تهطل على إثيوبيا والتى تصل إلى 350 مليار متر مكعب إحدى طرق التنمية في الوقت الذي يعاني فيه العالم من أزمة نقص المياه ؟
وعلم الرغم من وعد اثيوبيا للسودان بتصدير الكهرباء الا أنه حتى الأن هو وعد كاذب لأن السد لن يوفر اكثر من 2000 ميجاوات و هذه كمية لن تكفي منح السودان كهرباء و إن حتى هذا الوعد لا يتعدى كونه وعدا شفهيا غير ملزم للحبشة .
الحروب الأهلية ونزاعات حدودية مستمرة
إن اثيوبيا دولة ان لم تجد ما تحاربه حاربت نفسها ، فما زالت الصراعات العرقية تتفاقم وتتزايد يوماً تلو الأخر ليس في تيجراي فقط وانما أيضا في الأورومو والأمهرة مع القوات الحكومية والتى تجلت خسائرها أمام الجميع فضلا عن الانتهاكات وجرائم الحرب،
حسب وصف بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بأنه إبادة جماعية يقوم بها رئيس الوزراء الأثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام ، الذي اختار الموت دون مغادرة السلطة على حساب دماء الاثيوبين وأبناء القرن الإفريقي .
ولم يقف الأمر عند الحروب الأهلية بل امتدت إلى النزاعات الحدودية حيث تندلع اشتباكات مستمرة بين الصومال وإثيوبيا على خلفية النزاع على إقليم أوغادين، والسودان على اقليم بني شنقول، واريتريا على اقليم تيجراي، وكينيا على عدة أنهار،
مما جعل أثيوبيا دولة منبوذة افريقياً مكروهة من جيرانها بسبب سياساتها العدوانية مما يجعلها عرضة للتقسيم قريبا جدا فضلا عن كراهية المجتمع الدولي والداخل الأثيوبي لسياسات رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد مما يجعل فرصته في الفوز في الانتخابات المقبلة ضعيفة وفقا لاحصائيات دولية .
أمنيات اثيوبية
هناك من يسعى لتوريط مصر في حرب مستمرة وإدانتها دولياً بحجة عدم احترام القانون الدولي وأبناء القارة السمراء وكسر تقدم مصر وتنميتها لسنوات ورفع قضايا ضدها وإلزامها بدفع تعويضات، مثلما تفعل ألمانيا للكيان الصهيوني بسبب الهولوكوست، تلك الصورة التى تخطط لها اثيوبيا وحلفائها الذين يسعون لتدمير مصر والفتك بها ،
خاصة وأن الإدارة الاثيوبية تتنمى قصف السد اليوم قبل الغد بسبب الأخطاء الفنية التي أشارت لها اللجنة الدولية لفحص السد والمشكلة من خبراء من عدة دول أبرزها ألمانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا،
حيث قدمت تقريرا يكشف أخطاء فادحة في بنائه مؤكدون نصًا أنّ ”السد أقيم بلا دراسات وأن التصميمات الإنشائية للسد لا ترقى لإنشاء عمارة في هامبورغ بألمانيا فضلا رفض شركات التأمين العالمية المختصة بتأمين السدود عقد تأمين سد النهضة واستحالة أمان السد تحت ضغط 74 مليار متر مكعب داخل بحيرة محجوزة في هضبة بركانية قابلة لتحرك باطنها .
100 سد
بالأمس القريب صرح أبي أحمد، على عزم اثيوبيا بناء ١٠٠ سد العام القادم ، وكأنه يطلق تلك التصريحات مصحوبة بنوبات من الحذق المستمر وهو في دورة المياه نظرا لمعاناته من حالات الإمساك المزمنة عندما يرى خطوات مصر تقترب من حدوده، ليبقى السؤال كيف ؟!
ان تكلفة بناء سد النهضة بلغت حتى الأن 5 مليار دولار ومن المتوقع أن تصل إلى 8 و 10 مليار دولار ، وسد النهضة سد كبير ولكننا سنعطي تكلفة تقديرية ٥٠٠ مليون دولار لكل سد صغير من الـ ١٠٠ سد التي تحدث عنها آبى أحمد فيكون الناتج ٥٠ مليار دولار !
هناك استحالة عملية أن تستطيع أثيوبيا توفير ٥٠ مليار دولار في عام أو حتى في ١٠ أعوام ومن هنا أؤكد أن هذا التصريح له وجهان
الوجه الأول : للداخل الأثيوبي لتوحيد الشعب الأثيوبي المتناحر حوله
الوجه الثانى : دعوة صريحة لمصر بضرب السد ليستفيد من ذلك داخليا
أما الواقع فهو لن يبني سد آخر ولن يدير سد النهضة أصلا وستعود ملكية أراضي بني شنقول للسودان بما فيها السد وستنقسم أثيوبيا لعدة دول قريبا وربما تلك هى الخطة لتفادي خسائر كبرى ستلحق بمصر والسودان مستقبلا
أزمة النقص وحقيقة التصدير
أن مصر تحتاج سنويا ما يقرب من ضعف حصتها المائية أى ما يعادل 110 مليار متر مكعب للخروج من خط الفقر المائي ، ولهذا تتجه الدولة لإقامة مشروعات مائية ما بين تحلية لمياه البحر وتبطين الترع وإعادة تدوير مياه الصرف واستخدامها في ري الأراضي الزراعية، كل هذا وأكثر لتعويض جزء من العجز المائي .
ولكن ما يثير الدهشة أن هناك من يقول بأن مياه النيل ستذهب إلى الأراضي المحتلة ، فكيف تذهب المياه وهى لم تكفي احتياجتنا الاساسية من الأساس فضلاً عن العوامل الجيولوجية والتكلفة الباهظة التى تمنع توصيل المياه خارج مصر ، فكيف يفكر هؤلاء ؟
اختراق
على الرغم من البدء في تشييد السد دون اخطار مسبق لمصر والسودان عام 2010 وعدم إعتراف أثيوبيا بإتفاقية 1902 و التي تمنح اثيوبيا حق إدارة إقليم بني شنقول وليس ملكيته مع منعها من تشييد اي منشآت على مجرى النيل الأزرق في الاراضي السودانية،
و ليست الاثيوبية والاتفاقيات الأخرى الخاصة بتقسيم مياه النيل يجعل أثيوبيا في مرمى النيران يوماً تلو الأخر فضلا عن التعنت الدائم في المفاوضات وتجاهل المناشدات الدولية بالوصول إلى اتفاق ملزم في تشغيل وإدارة السد .
قرار حرب
لست خبيراً عسكريا لأوضح أهمية تلك المناورات والتدريبات المشتركة بين مصر والسودان بل أؤكد أنها رسالة خاصة بعد أن أعلن رئيس أركان الجيش المصري “أن القيادة العامة للقوات المسلحة لا تنظر إلى تدريب حماة النيل نظرة نمطية روتينية،
ولكنها تصفه كتدريب نوعي ونقيمه استراتيجياً وعملياتيا وفقا لمعايير دقيقة تراعي الاعتبارات الوطنية المصرية والسودانية والمصالح المشتركة والأوضاع الاقليمية وطبيعة التحديات والتهديدات المحيطة واحتمالات تطورها والحقوق المشروعة لكلا البلدين” .
لكن يجب أن يعلم القاصي والداني ان أصعب الحروب هى حروب العصابات والدخول مع ميليشيات مسلحة ممولة كما حدث فى سيناء فكيف يكون الحال لو فعلت أثيوبيا ذلك وهم قادرون على هذا النوع من الحروب خاصة وأنها هزمت السودان أكثر من مرة ، وجميعنا يعرف ان بلاد القرن الأفريقي هم مجموعة من المسلحين والمرتزقة يولون أنفسهم لمن يدفع لهم أكثر .
وللعلم هذه ليست المرة الأولى التى تخرج فيها القوات المصرية والسودانية بكامل عتادها برا وبحرا وجوا في تدريبات مشتركة وإنما حدثت أكثر من مرة لتنشيط القوات العسكرية وتبادل الخبرات بين البلدين وتلك المناورات والتدريبات طبيعية وروتينية لا تستهدف أحد وتأتى في إطار الاتفاقية الدفاعية الموقعة بين البلدين .
إن خيار الحرب سهلاً وليس صعباً وأثيوبيا والمجتمع الدولي يعلموا ذلك جيداً ، خاصة وأنه من القرارات الحاسمة، و ربما يعتقد البعض أنه قرار متأخر، لكن مسار التفاوض، هو حرب أخرى، أكثر صعوبة من الحرب بالسلاح، فالجميع ينتظر أن تقع مصر في خندق العقوبات الدولية التي يصعب الخروج منها، ونحن نعلم جميعا ذلك، لكن القيادة المصرية الرشيدة حتى النهاية ما زالت تنتهج السلم وحسن النية قبل الحرب لإدارة الأزمة، مع التصريح بعدم التهاون فى الحقوق التاريخية فى مياه النيل ، وهذا ما أورده الرئيس و المادة ٤٤ من الدستور بأن الدولة ملتزمة بحماية نهر النيل ، والحفاظ علي حقوق مصر التاريخية .
خيانة عظمى
ان من يوافق ويصمت على بناء هذا السد الشؤم الذي سينذر علينا بالخراب فهو خائن بتهمة الخيانة العظمى ، لذا نتمني أن لا يكون هناك وجود لهذا الصنم اللعين والذي تقدم له القرابين من كل حدب وصوب ولا نتمنى أن تمر على مصر سنوات عجاف .
مساعدات خلف الستار
على الرغم من الحرب الباردة التى تشنها أثيوبيا مؤخراً مع دولتى المصب لنهر النيل لكن هناك حقيقة أخرى خلف الستار وأصبح القريب يجاهر بمعاداة مصر ويقف مع أثيوبيا وفقاً لمبدأ المصلحة حتى أسرعت بعض الدول مؤخراً على تطوير العلاقات مع أثيوبيا عبر سلسلة من الإمدادات المبالغ فيها نوعاً ما سواء كانت فى المجال العسكرى أو عبر قنوات استثمار تعاون مشترك مع أثيوبيا فى مجالات شتى لتنمية أثيوبيا،
ولكن بعد أن ترددت أنباء نشرها موقع ديبكا الإسرائيلي المختص بالتعقيب والتحليلات المتعلقة بالدفاع والإرهاب والعلاقات الدولية عن حصول إثيوبيا على منظومة «سبايدر- مير» للدفاع الجوي قصير متوسط المدى والتى تنتجه شركة رفائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة وذلك لحماية سد النهضة .
لم تقف الامدادات والمؤامرات عند هذا الحد بل تركيا مؤخرا بمد أثيوبيا بالمساعدات الطبية وفتح قنوات جديدة للاستثمار و عقد اتفاقيات شراكة وذلك لكسب وترجيح كفة أثيوبيا على دولتى المصب واكتساب ورقة ضغط يعتبرها البعض ورقة رابحة اذا لم يكن هناك رد فعل واضح من مصر تجاه الأزمة .
لم تقف المؤامرة عند تلك المباحثات والاتفاقيات بل قام الشيطان الأكبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بزيارة البرلمان الإثيوبي وتحدث أيضاً عن أوجه الاستثمار والتعاون المشترك بين اسرائيل واثيوبيا خاصة في مجالات الزراعة والصناعة و المجال العسكري وتقوية شوكة اثيوبيا على حساب مصر بشتى الوسائل والطرق المباشرة و غير المباشرة لوضع مصر فى “خانة اليك” والضغط عليها للقبول بالأمر الواقع والقبول بسد النهضة .
تعرية أثيوبيا
من الواضح ان القاهرة والخرطوم قد اتفقتا علي ان تكون الخارجية السودانية هي رأس الحربة في الحراك الدبلوماسي الذي يخوضه البلدان علي المستوي الافريقي لشرح موقفيهما في قضية سد النهضة وكانت ضربة المعلم من مريم الصادق هو نجاحها في تعرية موقف اثيوبيا الرافض الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية المنظمة لحقوق الدول في مياه النيل واهمها اتفاقيات ١٩٠٢ و١٩٥٩ ،
والتي تقول اثيوبيا عنها انها ارث استعماري الامر الذي ردت عليه مريم الصادق بعدم الاعتراف بترسيم الحدود الذي تم بموجب اتفاقية ١٩٠٢ مع المطالبة بعودة ارض بني شنقول السودانية الاصل المقام عليها السد والتي ضمت لاثيوبيا بموجب تلك الاتفاقية الموقعة بين المستعمر الانجليزي وملك اثيوبيا مقابل تعهد اثيوبي بعدم بناء سدود علي النيل .
ونتيجة لهذا الهجوم السوداني المباغت انتقلت اثيوبيا من الدفاع عن السد الي الدفاع عن ترسيم الحدود خوفا من فتح الملف برمته مع بقية جيرانها وخاصة الصومال التي سبق واستولت اثيوبيا علي اجزاء من اراضيه .
واكبر دليل علي التخبط في الموقف الاثيوبي هو تقدمها الي الامم المتحدة بشكوي ضد مصر والسودان بعد رفضها سابقا لتدخل الامم المتحدة او مجلس الامن خوفا من تدويل القضية .
المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة
ان تقاعس مجلس الأمن حتى الآن للتدخل فى حل أزمة سد النهضة سلميا وفك المفاوضات المتعثرة، بين الدول الثلاث خاصة وأن أثيوبيا تسعى لاتخاذ خطوة منفردة بالملء الأحادي للسد قبل الوصول إلي اتفاق نهائي،
مما قد يدفع مصر والسودان إلى اللجوء لكل الخيارات التى تضمن الحقوق المائية المصرية وذلك تأسيسا علي اتفاق إعلان المباديء الموقع بين الدول الثلاث مع التأكيد علي أن الموقف الإثيوبي يهدد السلم والأمن الدوليين .
فالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تتيح للدول التى تتعرض لمصادر تهديد وجودية أن تلجأ إلى الإجرءات التى من شأنها الدفاع الشرعى عن نفسها وحماية مصالحها خاصة أن كل الاتفاقات الدولية والقانون الدولى فى مصلحة الموقف المصري ،
كما أن مصر اعترفت لإثيوبيا بالحق فى إقامة سد النهضة بغرض التنمية وتوليد الكهرباء، وهو ما لم يحدث حتى الأن واتضحت النوايا الإثيوبية وضوح الشمس، رغم إلتزام مصر حتى الأن بمسار المفاوضات للوصول إلى اتفاق لفض النزاع مع عدم تأثر مصر والسوودان بفترات الملء .
ومع الإشارة أيضا إلي أن مصر وقعت بالأحرف الأولي علي اتفاق واشنطن النهائي بشأن ملء وتشغيل السد، ولكن تهربت اثيوبيا بحجة عرض الموضوع للحوار المجتمعي في أديس أبابا
خاتمة
في النهاية على الرغم من أننى حاولت قدر الإمكان قول حقيقة ما يحدث فى ملف سد النهضة ، إلا أنني أثقتى في قدرة الدولة ومؤسساتها على مواجهته وحسمه ، كما أننى أحاول مثل غيرى بث الحقيقة والأمل دون النظر إلى نصف الكوب الفارغ ولكن حان وقت الرد بما يمكن أن يكون مقارباً للواقع والمنطق دون تهويل أو تهوين ،
كما انني وفقا لما سبق سرده أقول بكل ثقة أن ساعة الحسم تقترب كل يوم عن الأخر فلا داعي للقلق فلا أحد بعيد عن يد مصر وقدراتها ، فمصر الآن قوة عظمى لا تعرف المستحيل .
حفظ الله مصر
سجل فى قائمتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار