بقلم _ أحمد صابر
نعيش اليوم ذكري انتقال حاسم في تاريخ مصر ، ٢٣ يوليو ١٩٥٢ بما يحمله هذا التاريخ من ذكريات الثورة المجيدة ، ولحسن الحظ وروعة المصادفة أننا نحتفل هذا العام أيضًا بمئوية ثورة ١٩١٩ ،
وما بين الثورتين هناك جدلية قائمة لا تنتهي ، عن حقيقة العلاقة بينهما ، ويشعل فتيل الجدل في كل عام فئةٌ تتهم ثورة ١٩ بالفشل وأخري تهاجم ثورة ٢٣ يوليو باعتبارها نقطة تخلف ، ولست أدري علي أي أساس يستند كلاهما في إطلاق أحكام طائشة ، غير عدم القراءة الجيدة للتاريخ ، والإستناد إلى أنصاف الحقائق وبقايا الصور ،
إن ثورة ١٩ هي الموجة التي صنعت طوفان ٥٢ ، والدوامة التي بدأت صغيرة وظلت تتسع بمرور الأيام وتراكم الأحداث حتي ابتلعت كل من يقف في طريق الإستقلال عام ٥٢ ،
فعندما نذكر إحداهما ينفلت اللسان عفويًا للحديث عن الأخري ،
حيث تجمعهما علاقة سببية تجعل من المستحيل الفصل بينهما ، كلتاهما وقعت علي أرصفة النضال الوطني المشرف ،
إن ثورة يوليو ٥٢ هي امتداد طبيعي لما نشرته أجواء ثورة ١٩ من الوعي بين الناس ، والوحدة بين أبناء الوطن ، فلا يمكن أن نتعامل مع التاريخ بهذه السطحية علي أنه حلقات منفصلة لا تربطها خيط واحد ، أو دوافع تخمد أحيانًا وتثور أحيانًا أخري ، فالأحداث وليدة بعضها ، ولربما ما يحدث الآن هو نتاج تلقيح وتخصيب بدأ منذ عشرات السنين ، وحملت فيه الأيام حتي جاءها المخاض في وقت معين لتضع ذلك الحدث الجديد ،
لقد مرت مصر بتغيرات عديدة أحدثتها ثورة ١٩ ، وهي ما مكنت الضباط الأحرار من تنفيذ الثورة في نهاية المطاف ، حيث أصبحت القيادة في مصر من نصيب المصريين ، بعد أن كان الإنجليز يسيطرون علي كل شئ حتي رئاسة الجيش ، فبعد ١٩١٩ أصبح من حق المواطنين الالتحاق بالجيش مهما اختلفت طبقاتهم الإجتماعية ، وأصبحت معظم المؤسسات الحكومية يديرها مصريون من طين هذه الأرض ، بعد أن كانت من نصيب البشوات والإنجليز ،
بطريقة أخري ، لقد أدخلت ثورة ١٩ الشعب ضمن موازين القوي وقواعد اللعبة ، بعد أن كان مهمشًا لا اعتبار له ،
ولولا هذه التطورات وغيرها لما حدثت ثورة ١٩٥٢ ،
وما حدث من أخطاء بعد ١٩١٩ لا تتحمله الثورة نفسها ولا الوفد وحده ، ولكن تتحملها بشكل أكبر باقي القوي السياسة المتمثلة في الإنجليز من ناحية والقصر من ناحية أخري ،
وبعد أن أسلمت الأحداث راية الإستقلال للضباط الأحرار ، تحركوا بنقاء ثوري خالص وبدوافع إصلاح حقيقية ليحرروا الوطن من بقايا القوي الإستعمارية ويعلنوها بوضوح ، أن مصر حرة مستقلة وجمهورية عربية لا تقبل الوصاية عليها أو التدخل في شئونها ،
وهنا لابد أن نفرق أيضًا بين الثورة في حد ذاتها وما وقع بعدها من أخطاء ، فلا أحد يستطيع أن يشكك في نوايا هؤلاء الظباط العظماء الذين تحركوا لرفعة وطنهم ،
ربما تحولت لحظات النقاء الثوري بعد ذلك إلي أخطاء تتمثل في انقسام بينهم وقرارات سلطوية كان من الممكن تجنبها ،
لكن هذه الأخطاء التي تنم عن قلة الوعي السياسي والخبرات السابقة لا تنفي عنهم أبدًا صفة الوطنية ولا تقلل من مجهوداتهم أو تضع من إنجازاتهم وانحيازهم المتواضع لعامة الناس واحترام سلطة الشعب ..
التعليقات
رااااااااااااائع
وماهي العلاقة بين الثورتين ي صديقي